القائمة الرئيسية

الصفحات

أفضل سرد لقصة سيدنا موسى ( عليه السلام ) بشكل جذاب

 


أفضل سرد لقصة سيدنا موسى ( عليه السلام ) بشكل جذاب   

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، زوار الموقع الكرام اليوم موعدكم مع أفضل سرد لقصة سيدنا موسى ( عليه السلام ) بشرح مبسط وشيق من إعداد الأستاذة جميلة الصعيدي جزاها الله خيرا



أفضل سرد لقصة سيدنا موسى ( عليه السلام ) بشكل جذاب




 

قصتنا النهاردة عن نبي من أُولِي العَزْم من الرسل،

وأُولي العزم معناها:

الأنبياء إللي تعرضوا لأذى شديد من قومهم واتعرضوا لابتلاءات كثيرة في حياتهم، ثم واجهوا الأذى والبلاء ده بالصبر،

وأولي العزم من الرسل هم أفضل الأنبياء والمرسلين على الإطلاق، وهم خمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه أجمعين.

واحنا اتكلمنا عن نوح وإبراهيم عليهما السلام، و النهاردة هنتكلم عن موسى عليه السلام

اسمه موسى بن عمران من ذرية يعقوب عليه السلام،

هو أكثر نبي مذكور في القرآن لأن قصته مع بني إسرائيل مليانة عِبر، ولأن أحداث أُمِّته متشابهة كتير مع أحداث أمة محمد ﷺ،

وموسى عليه السلام له علينا فضل كبير جدا احنا المسلمين ،

لأن في رحلة المعراج لما ربنا فرض على رسول الله ﷺ الصلاة وكانت خمسين،

قابل رسول الله ﷺ موسى في السماء السادسة، وسأله موسى عن إللي ربنا فرضه عليه ،

فقال له رسول الله ﷺ إن ربنا فرض عليه خمسين صلاة،

فموسى عليه السلام قال له أُمّتك مش هتستحمل،

فاطلب من ربك التخفيف، فالنبي ﷺ استغرب، وبص لجبريل باستغراب وسأل:

هو أنا ينفع أرجع لربنا وأسأله التخفيف؟ فجبريل عليه السلام قال له: نعم،

ففعلا بسبب كلام موسى عليه السلام، استمر رسول الله ﷺ  يسأل ربنا التخفيف لحد ما وصلت لخمس صلوات بدل خمسين،

وطبعا انتم عارفين إن كتير من الناس بتصلي الخمس صلوات بالعافية فما بالنا لو كانت خمسين

طبعا كله بتقدير من ربنا ومكتوب في اللوح المحفوظ، لكن  موسى عليه السلام كان سبب بس،

وربنا هو إللي جعله سبب في ده، وهتلاقوا في السيرة شرح الموضوع بالتفصيل

 

نرجع بقى بالزمن شوية كده

اتكلمنا قبل كده عن قصة يوسف عليه السلام وإنه قال لإخواته إنهم يجيبوله كل أهلهم من البَادية في فلسطين عشان يسكنوا مصر،

وفعلا يعقوب عليه السلام جه هو وأبنائه ال11 وأم يوسف، وسكنوا كلهم مصر،

وكان الناس بيكرّموهم ويعاملوهم بإحسان إكراما ليوسف عليه السلام.

وكان الملك إللي بيحكم مصر في عهد يوسف عليه السلام من الهكسوس، وكان الهكسوس محتلين مصر ساعتها،

فلما قام أحمس الأول بثورة وخرّج الهكسوس من مصر وبدأ عصر الفراعنة،

بدأ الفراعنة يستعبدوا بني إسرائيل على أساس إنهم كانوا مُوالين ومتعاونين مع الهكسوس، وقعدوا في الظلم والقهر والاستعباد ده حوالي ٣٠٠ سنة،

وقلنا قبل كده إن إسرائيل هو يعقوب عليه السلام، وإن كلمة إيل في اللغة السريانية معناها الله، وكلمة إسرا معناها عبد فتكون إسرائيل بمعنى عبد الله،

وبني إسرائيل هم ذرية يعقوب عليه السلام

فكان الفراعنة إللي بيحكموا مصر مخليين بني إسرائيل عبيد وبيخلوهم يشتغلوا في المِهن الحقيرة الوضيعة عندهم، يعني كانوا عايشين في منتهى الذل والهوان والقهر

في يوم من الأيام واحد من الفراعنة شاف رؤيا ويُقال إن الفرعون ده رمسيس الثاني والله أعلم،

شاف إن في نار بتخرج من بيت المقدس وتنتشر في مصر ، وبتُصيب كل بيوت أهل مصر،

ماعدا بيوت بني إسرائيل مش بتيجي ناحيتهم،

فقام من النوم خايف

وجمع السحرة والكهنة والوزراء وبدأ يسألهم فقالوا له ده معناه إن في طفل هيتولد من بني إسرائيل وهيكون زوال ملكك على إيده

فطبعا خاف وأمر إن أي طفل يتولد لبني إسرائيل يُقتل على طول

الفرعون ده كان أشد الفراعنة قوة وبطش وظلم ...كان مفتري يعني

"إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا"

والفراعنة بصفة عامة كانوا بيقولوا إن دمهم فيه دم إلهي، يعني نَسَبْهُم مُتصل بالإله،

الفرعون ده بقى عَدَّاهُم كلهم...قال إنه هو ذات نفسه إله ورب

فاكرين لما قلنا قبل كده إن معظم الناس كانوا مؤمنين بتوحيد الربوبية يعني إن الكون ده له رب هو الخالق والرازق والمدبر والمالك، بس همّ بيشركوا معاه آلهة تانية في العبادة والقصد والتعظيم

أهو الفرعون ده بقى مش بس بيزعم إنه إله متفرد بتوحيد الألوهية وتعظيم الناس له، لأ ده كمان بيزعم إنه متفرد بتوحيد الربوبية،

"أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى "

بيقول إن هو الرب، يعني هو الخالق والرازق والمدبر ومالك الملك...حاجة كده آخر جنون يعني

 

المهم،

بدأ جنود فرعون يمشوا في الشوارع وأول ما يلاقوا طفل ذَكَر مولود ياخدوه كده ويدبحوه أو يقتلوه، ويبحثوا عن غيره

طبعا حاجة بشعة...احنا لما بنشوف طفل ميت عادي قلبنا بيتقطع عليه، ولّا لو أم ابنها مات بعد ما تولده بتبقى روحها هتطلع

دول بقى كانوا بياخدوا الطفل الرضيع إللي لسه مولود ويذبحوه قصاد أمه وأبوه وأهله ويسيبوه ويمشوا،

وأهله مش قادرين يعملوا لهم حاجة.

 

فده كان بلاء واقع على بني إسرائيل...ذبح وقتل في الأطفال، وياخدوا الرجال يشتغلوهم بالسُّخْرة والعبودية..وياخدوا النساء يشتغلوا في قصور الأغنياء...حياة كلها ذل وقهر.

"يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ"

لما الملأ بقى شافوا إن أعداد المواليد بدأوا يقلوا ومفيش أطفال ذكور ...لقوا إنه مع الزمن مش هيلاقوا حد يشتغل عندهم، فقالوا لفرعون كده مش هنلاقي حد يشتغل عندنا وهنضطر إننا إللي نشتغل

فقال خلاص هنقتل الأطفال سنة ونسيبهم سنة

 

لا بتتعب والله

شوفوا سبحان الله لما ربنا يجعل غباء الطاغية جندي من جنود الله وربنا يسلطه عليه فيهلكه

يعني انتَ ما فكرتش لحظة يا عدو الله إن ممكن لو مولود واحد فقط اتساب وما اتقتلش يكون هو ده الطفل المُنتَظَر إللي هيقضي عليك؟!

طيب مابالك عشرات الأطفال إللي هتسيبهم سنة ورا سنة ورا سنة

بدأ جنود فرعون ينفذوا الأمر الجديد وبقى فيه سَنة للقتل والذبح للمواليد الجديدة،  وسنة مافيهاش قتل،

 

وفي فرق بين القتل والذبح، الذبح لازم يُراق فيه الدماء، وبيكون بقطع شرايين الرقبة، لكن القتل ممكن يكون بالحرق أو بالخنق مثلا.

حتى هنلاقي في القرآن آيتين بنفس الكلام ماعدا كلمتين القتل والذبح

"يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ "

"يسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ"

فربنا بيقولنا إن جنود فرعون مخلوش إجرام إلا وعملوه

ذبح ماشي ...قتل بالحرق عادي...قتل بالخنق مايضرش...يعني وصلوا لأقصى درجات التجبّر

 

امرأة من بني إسرائيل تحمل وتولد ذكر ولكنه اتولد في عام المسامحة، فاطمنت، وعدّى الموضوع بسلام، وكان الطفل ده اسمه هارون.

وبعدها على طول حملت تاني

طيب ميعاد الولادة هيكون في سنة الذبح

تعمل إيه...أخفت الحمل ...بقت تلف بطنها بقماش عشان ميبانش عليها حمل، لحد ما جت لحظة الولادة، ولقت المولود ذَكر

جنود فرعون ممكن ييجوا في أي لحظة يفتشوا ولو شافوه أو سمعوا صوته وعرفوا إنه ولد هيدبحوه

 

في اللحظة دي ربنا أوحى للمرأة دي بحاجة من وجهة نظر البشر تُعتبر جنونية

والوحي هنا بمعنى الإلهام مش بمعنى النبوّة لإن ربنا جعل النبوة في الرجال فقط.. فربنا ألهمها إنها تحط ابنها في صندوق وترميه في النيل

"وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ "

طيب هي أصلا خايفة عليه من القتل، إزاي ترميه في المية ومتخافش عليه من الغرق

ماهو ممكن في لحظة الصندوق يتقلب والولد يموت

لو بصينا للموضوع هنلاقي إن الطفل لو فضل مع أمه هيموت غالبا بنسبة%100

لكن لو حطته في صندوق في النيل فيه إحتمال إنه ميموتش، فهو ده الحل الوحيد دلوقتي.

فالأم أخذت ابنها الرضيع ورضّعته عشان ينام شبعان وما يصوّتش ويلم عليه الناس

وحطيته في سرير خشبي ..تابوت يعني، وحطت التابوت في النيل،

جم  الجنود فتّشوا... ملاقوش أطفال حديثي ولادة عندهم، سابوهم وراحوا يدوّروا في بيت تاني وهكذا،

في الوقت ده كان التابوت بيتحرك في المية، لحد ما وصل عند قصر الفرعون

وخادمات القصر شافوا الصندوق إللي في المية ده وراحوا يشوفوا فيه إيه...سحبوا الصندوق وبيبصوا لقوا طفل صغير،

أخدوا الطفل وراحوا لزوجة فرعون عشان يقولوا لها على الطفل وكان اسمها آسية بنت مُزَاحِم،

"فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا"

في الوقت ده الأم قلقانة وعقلها وقلبها مع ابنها إللي مش عارفة مصيره إيه

"وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا"

يا ترى حد لقاه ...؟ ياترى غرق في المية...؟ ياترى الجنود شافوه وقتلوه...؟ كان هاين عليها تخرج وسط الناس وتسأل عنه من كتر ما هي هتتجنن عليه،

لكن ربنا ربط على قلبها بالصبر والثبات والتوكل واليقين عشان تعرف تتحكم في مشاعرها وما يتفضحش أمرها،

لكن طبعا مش قادرة تقعد ساكتة بدون أي سعي يطمنها، فقالت لأخته الكبيرة روحي شوفيه ...دوّري عليه وفتشي عن أخباره كده...

"وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ"

 

البنت طلعت ومشيت على طريق النيل إللي مشي فيه التابوت لحد ما وصلت لقصر الفرعون وهي كانت بتشتغل هناك أصلا، فدخلت القصر لقت فيه حركة غريبة... بدأت تراقب من بعيد من غير ما حد ياخد باله...

"فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ"

سمعت إن الخادمات لقوا طفل رضيع في النيل والطفل عمّال يبكي جعان وكل ما واحدة تيجي ترضّعه يرفض إنه يرضع منها ومقطع الدنيا عياط وصويت من شدة الجوع وكلكم طبعا عارفين ومتخيلين

"وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ"

فهنا عرفت البنت إن ده أخوها...فدخلت عليهم وقالت لهم:

تحبوا أدلكم على ناس ياخدوا بالهم منه ويرضّعوه وهمّ مش هيقصروا في رعايته؟

فقالوا لها وانتِ عرفتي منين إنهم هيهتموا بيه للدرجة دي

فقالت لهم عشان الناس دي عايزين يكونوا أصهار الملك وكمان عشان ينتفعوا بالأُجرة،

فاقتنعوا وقالوا لها تروح تجيب المرأة إللي هي بتتكلم عنها دي.

"فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ"

 

طيب ليه الفرعون مقتلش الطفل ده

زوجته آسية لما شافت الطفل حبته جدا وهي مكنتش بتخلّف وفرعون لما دخل عليها وشاف الطفل عرف إنه من بني إسرائيل من لون بشرته وملامحه وعرف إنه اتحط في التابوت عشان خافوا عليه من الذبح فأمر إنه يتقتل، فآسية قالت له لأ خليه، قرة عين لي ولك... يفرّحنا ويسعدنا ويمكن نتبناه..

"وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا"

ففرعون قال لها: قرة عين ليكِ انتِ، أنا لأ

لكن عشان فرعون كان بيحب آسية جدا فنزل على رغبتها ووافق إن الطفل لا يُقتل..ويُقال في بعض كتب التفسير إن آسية سمّت الطفل الصغير ده موسى والله أعلم،

راحت البنت وجابت المرأة إللي قالت لهم عليها، وهي طبعا أمها وأم موسى عليه السلام،

ولما رضّعته قَبِل إنه يرضع منها فأكل وشبع، وكل إللي في القصر فرحوا إن الطفل بدأ ياكل ويهدأ،

وطلبت آسية من المرأة إنها تفضل معاها في القصر عشان تراعي موسى عليه السلام فرفضت وقالت لها إن عندها زوج وأبناء،

لكن قالت لها إن هي ممكن تاخده عندها في بيتها وترضّعه وتراعيه.. حاولت آسية تقنعها لكن مفيش فايدة،

فوافقت آسية إن موسى عليه السلام يرجع مع المرأة إللي هي أمه ، وماحدش يعرف إنها أمه، وأمرت لها بأُجرة زي مرتب شهري كده

 

محتاجين نقف هنا وقفة مهمة.

شايفين التحدي

فرعون بقاله كام سنة عمّال يقتل في الأطفال عشان خايف من طفل واحد ...فانت بتتحدى ربنا مثلا يعني

طيب إيه رأيك بقى إن إللي انت خايف منه ده انت إللي هتربيه وانت إللي هتراعيه!

والأم إللي كانت خايفة من بطشك وإجرامك على ابنها  هتجيبها عندك في القصر وهترضّعه قصاد كووول إللي موجودين في القصر ومحدش هيقدر يمسّها هي أو ابنها بأي أذى وإنت أوّلهم

ومش بس كده... ده الأم دي هتاخد الطفل وهتربّيه عندها في البيت براحتها وبعيد عن عيون الناس، وانت هتدّيها أجرة على كده كمان وهيكونوا تحت حمايتك

بتقتل الأطفال عشان تثبّت مُلكك...بتستعبد الناس وتظلمهم وتقهرهم عشان تثبّت ملكك...طيب شوف إزاي ربنا هيهلكك بإيدك انت شخصيا

 

أخدت أم موسى ابنها ورجعت للبيت وفِضِل موسى معاها خلال فترة الرضاعة.. كانت ساعات تجيبه لآسية عشان تشوفه،

وبعد ما عدت السنتين وخلاص الرضاعة وقفت، طلبت آسية إن موسى عليه السلام يرجع للقصر عشان يعيش فيه كابن لها هي وفرعون؛ لإن آسية كانت لا تُنجِب زي ما قلنا، وراح موسى يعيش في قصر فرعون.

كانت آسية في يوم من الأيام بتلاعب موسى وهو صغير فإدته لفرعون وحطته في حِجره،

فموسى شد فرعون من لحيته بقوة فقال الملأ حواليه إن الطفل ده بيتوعّده، وده الطفل إللي هيكون سبب في زوال ملك فرعون،

فأمر إن موسى يُقتل، فآسية رفضِت وقالت طيب نختبره: نجيب لؤلؤتين وجمرتين، فلو اختار اللؤلؤ اقتلوه لإنه كده معناه إنه بيعقل، ولو اختار الجمر يبقى هو لا يعقل ويبقى شد لحيته زي أي طفل عادي بيلعب.!

وفعلا جابوا اللؤلؤ والجمر، فأخذ جبريل عليه السلام يد موسى ووضعها على الجمرتين وخلّاه يمسكها وحطها موسى في فمه فحرقت لسانه وسببت له لثغة.

 

وهنا ممكن حد يفكر في سؤال وهو إن إزاي موسى مسك الجمر ووصله لبؤه من غير ما إيده تتلسع

 

هو إحساس اللسع عند الأطفال مش بييجي بسرعة، يعني الأطفال ممكن تيجي إيدهم على حاجة سخنة ويقعدوا لحظات على ما يحسوا بالحرارة بعكس البالغين،

وآسية نفسها خلته يرمي الجمر من إيده عشان إيده متتحرقش، فالموقف أصلا كله لحظات

ده غير إننا أصلا منعرفش إذا كانت إيده اتلسعت ولّا لأ، ممكن تكون اتلسعت وعالجوها مع الوقت وراح أثرها أو ممكن يكون سابت أثر الله أعلم،

احنا معندناش بعلم بالنقطة دي، إللي عندنا علم بيه هو لثغة اللسان؛ وده لأن موضوع اللثغة ده فيه معجزة

 

طيب إيه المعجزة دي

اللثغة إللي عند موسى عليه السلام دي استمرت معاه لحد وقت الرسالة، يعني لحد الوقت إللي ربنا أرسل فيه موسى؛

فعشان كده موسى عليه السلام سأل ربنا إنه يجعل معاه أخاه هارون عشان يتكلم بداله، قال موسى:

" وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا"

فربنا استجاب له وكمان شفاه من اللثغة دي، لأن موسى عليه السلام دعا ربنا وقال له:

" رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ۩ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ۩ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي

وكمان الأنبياء أكمل الناس خَلْقاً وخُلُقا، فمينفعش يكون فيهم حاجة تعيبهم،

ولما راح موسى عليه السلام لفرعون بعدين عشان يبلغه الرسالة مكنش عنده أي مشكلة في لسانه،

لكن فرعون كان بيعايره باللثغة بتاعته مع إنها مكنتش موجودة اصلا وكان بيفتري عليه وقال للملأ حوله:

" أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ"

فهو كان عارف إن موسى عليه السلام عنده لثغة من وهو صغير، فكان شفاءه من اللثغة دي معجزة ظاهرة لفرعون ومع ذلك أنكرها واتهم موسى بالباطل إنه مش عارف يتكلم

 

المهم آسية لما شافت موسى عليه السلام إزاي اختار الجمر على اللؤلؤ قالت لفرعون شوفت إزاي ده مجرد طفل بيلعب ولا يعقل، فمحدش يقرّبله ولا يقتله

 

ملحوظة:

قصة الجمر واللؤلؤ دي يرويها عبد الله بن عباس رضي الله عنه لما كان بيفسر آية: "وفَتَنّاك فُتُونا"

والحديث عن ابن عباس حديث صحيح، وهو بيروي بعض أحداث القصة من الإسرائيليات إللي لا تُصدق ولا تُكذب

 

تربى موسى عليه السلام ونشأ في بيت فرعون في أمان الله رغم أنف فرعون،

خلال الفترة دي القرآن مقلناش إيه إللي حصل مع موسى عليه السلام، لكن أول ما بلغ مبلغ الشباب بدأ مَجرى حياة موسى عليه السلام يتغير،

إيه إللي حصل غَيّر مجرى حياته ؟

 

 

وقفنا المرة إللي فاتت عند موسى عليه السلام لما أخذته آسية زوجة فرعون عشان تربيه في القصر،

كَبُر موسى عليه السلام في قصر فرعون وهو شايف الظلم والقهر إللي بيتعرضله بني إسرائيل،

فكان بيكره فرعون، واتولّد جواه حِس نصرة المظلوم،

في يوم من الأيام نزل من القصر ودخل المدينة في وقت القيلولة محدش تقريبا بيبقى موجود،

"وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا "

وهو ماشي شاف واحد من المصريين بيتخانق مع واحد من بني إسرائيل، فتوقع إن المصري ظالم للرجل بسبب إللي شافه طول السنين إللي فاتت،

"فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّه"

وفي نفس الوقت الرجل من بني إسرائيل استغاث بيه وقال له إلحقني،

فتأكد ظن موسى عليه السلام وراح عشان ينصر المظلوم فزق المصري بإيده، راح واقع ميت

"فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ"

موسى عليه السلام بيشوف الراجل لقاه مبيتحركش ومات فعلا!

طبعا موسى عليه السلام اتصدم

هو مكنش يقصد أبدا إنه يقتل الرجل ومكنش متخيل قوته كده....

هو كان بيبعده بس لكن موسى عليه السلام كان قوي جدا لدرجة إن زقة واحدة قتلت الشخص، فتخيلوا إنتم قوته كانت عاملة إزاي

فورا موسى عليه السلام استغفر ربنا لإن بالفطرة الإنسان بيحس إن القتل ده حاجة كبيرة، حتى لو مفيش دين بيحرم القتل،

"قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "

 

وقال يارب بما إنك أنعمت عليّ بنعمة القوة كد، فمش هخليها في مساعدة المجرمين ولا هكون زيهم متجبر بقوتي وجبروتي على الضعفاء،

"قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ "

 

طب وهو موسى عليه السلام كان يعرف ربنا

جميع الأنبياء على التوحيد، لم يشركوا أبدا بالله حتى قبل البعثة، وكمان هو كان على شريعة بني إسرائيل فكان عارف من هو الله

بعد القتل الخطأ ده، هرب موسى عليه السلام ومحدش يعرف مين إللي قتل المصري غير الرجل إياه من بني إسرائيل، واتجمع الناس وقعدوا يسألوا محدش شاف مين القاتل،

فضل موسى عليه السلام في المدينة وهو خايف وبيراقب هل الناس عرفوا إن هو القاتل ولّا لأ

"فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ"

 

إيه ده وهو يخاف ليه

مش هو ابن الفرعون يعني محدش يقدر يقول له إنت قتلت ليه

ماهو ده دليل إن فرعون مكنش بيحب موسى عليه السلام ومكنش بيعامله زي ابنه، وموسى كان عارف ده،

وهو قال لآسية من البداية قرة عين ليكِ انتِ أما بالنسبة لي لأ

المهم.. وهو ماشي في المدينة شاف نفس الرجل من بني إسرائيل بتاع إمبارح بيتخانق مع واحد مصري تااااني، فلما شاف موسى عليه قعد يستغيث بيه ويقوله إلحقني ...إلحقني

" فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ "

فموسى عليه السلام قال له ده انت إللي بتاع مشاكل بقى

"قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ"

 

وده يعلمنا إننا مناخدش بالظاهر ...وإننا لما نكون عايزين نحكم في مشكلة لازم نسمع من الطرفين ..مش من طرف واحد،

حتى لو احنا كنا متأكدين إن الطرف التاني هو إللي ظالم دايما...مش يمكن المرة دي هو إللي مظلوم

فبلاش نستعجل في الحكم وناخد قرارات ظالمة وخاطئة،

وكما قيل:

"إذا جاءك الرجل وقد فُقِئت عَينُه فلا تحكُم له حتى ترى الآخر فربما فُقِئت عيناه الاثنتان"

 

فلما موسى عليه السلام قرّب من الاتنين اللي بيتخانقوا عشان يبعدهم عن بعض ويفض الخناقة بسلام،

قام الراجل اللي من بني إسرائيل تخيل إن موسى غضبان منه هو وهيضربه هو المرة دي عشان بتاع مشاكل وكده، فراح قايل له:

إنت عايز تقتلني ياموسى زي ما قتلت واحد امبارح

 ده انت عايز تبقى جبار بقى

 

"فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَامُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ "

 

فهنا المصري عرف إن القتيل بتاع إمبارح موسى هو إللي قتله،

فراح على طول بلغ الجنود، والجنود بلغوا فرعون،

فبدأ يتكلم مع الوزراء بتوعه وقعدوا يدبّروا خطة يقتلوا بها موسى عليه السلام

فجه واحد من القصر بسرعة وقابل موسى وقال له إن الوزراء والأعيان بيدبروا مؤامرة عشان يقتلوك فخذ نصيحتي واهرب من البلد عشان ماحدش يقدر يوصل لك.

"وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ"

فموسى عليه السلام خرج من المدينة وهو خائف وبيراقب أحسن حد يلحقه من جنود فرعون.

"فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ"

ظل موسى عليه السلام ماشي ...ماشي...لحد ما وصل لقرية مدين ومكنش له أي غذاء طول الوقت دة غير ورق الشجر،

فلما وصل هناك لفت انتباهه حاجة بتحصل،

لقى مجموعة من الرجال ومعاهم أغنام موقفينهم عند مكان المية عشان بيشربوهم  منها،

ولقى امرأتين بعيد عنهم شوية ومعاهم أغنامهم، وكل ما الأغنام تحاول تقرّب جنب باقي الأغنام عشان يشربوا تقوم المرأتين تبعد الأغنام بتاعتها عن المية،!

فهو استغرب الموقف...! هو إنتم مش جايين عشان تسقوا الأغنام بتبعدوهم ليه

" وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ "

كمان إزاي مفيش حتى رجل واحد فيهم حاول إنه يساعد المرأتين دول ويسقي لهم أغنامهم بدل البهدلة إللي همّ فيها دي

فلما شاف المنظر ماقدرش يسكت

راح سألهم: إيه حكايتكم؟

"قَالَ مَا خَطْبُكُمَا"

ردوا: احنا مش هنسقي الأغنام بتاعتنا لحد ما الرجال يخلصوا سقاية أغنامهم ويمشوا...

وعشان يقصروا في الكلام وما يضطروش موسي يقعد يسألهم أسئلة كثيرة،

وبرده من باب إنهم يدافعوا عن نفسهم همّ ليه اضطروا ييجوا هنا يزاحموا الرجال على الماء كده قالوا له:

وأبونا شيخ كبير، حوار مختصر جدا  على أد الضرورة والحاجة فقط

"قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ"

يعني قبل ما تسأل واشمعنى انتم إللي تيجوا وهو مفيش راجل، احنا بنقولك إن أبونا شيخ كبير فمفيش حد غيرنا.

البنات ردت على أد السؤال وقفلوا الحوار.

 

وربنا بيحطلنا نموذج للمرأة اللي مضطرة للنزول والاختلاط بالرجال لحاجة او ضرورة، في سوق مثلا أو غيره، أو للمرأة العاملة:

لو إنتِ مضطرة للشغل ومحتاجة اشتغلي لكن بدون اختلاط مع الرجال، ده الأساس، ولو اضطريتي للاختلاط يبقى الكلام بحدود وعلى الأد وتقصّري في الكلام وتقطمي الجُمل كده ومفيش لتّ وعجن وكلام كتير مالوش لازمة

 

طبعا موسى عليه السلام بطبيعته في حب مساعدة الناس ، أخد الأغنام وراح سقاهم للمرأتين عند الماء، ثم رجّعهم لهم وسابهم وراح بعيد قعد في الظل ، والبنات مشيوا ورجعوا بيتهم.

"فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ.. فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير"

 

شوفوا،

كل حاجة في القرآن ليها معنى وعبرة،

هو إيه السبب إللي خلّى موسى عليه السلام يخرج من مصر ويكون مُطارَد كده

مش إنه قتل واحد بسبب مساعدته لإنسان لا يستحق المساعدة أصلا، وكمان هو إللي فضحه في النهاية!؟

ومع ذلك موسى لما شاف المرأتين مقلش ماليش دعوة

أنا آخر واحد ساعدته وداني في داهية، الله أعلم إيه إللي ممكن يحصل لي تاني لو أنا ساعدت البنتين دول

وحتى بعد ما سقى لهما، مطالبش أجرة منهم مع إنه كان بقاله أيام مأكلش وكان ممكن حتى يطلب منهم إنهم يدوله شوية لبن من الغنم إللي معاهم يتقوّى بيهم ،

وحقه على فكرة

ومع ذلك ماطلبش ولا حتى استنى منهم كلمة شكر ولا طلب إنهم يقدّروا إللي عمله عشانهم.

 

بعد ما موسى عليه السلام راح قعد في الظل قال لربنا يارب نعمك عليّ مغرقاني بس أنا فقير منها دلوقتي،

وهو بيدعي بقى، كان ربنا بيهيأ له جزاء المعروف إللي عمله وهو ميعرفش ومكنش مستنيه أصلا

 

وهو قاعد على الحالة دي، لقى بنت من البنتن إللي سقى أغنامهم جاية تمشي وهي مكسوفة وبتقوله إن أبوها بيدعوه لبيته عشان يكافؤه على مساعدته ليهم،

"فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا"

فمشيت قصاده عشان توريله الطريق، فخلاها تمشي وراه عشان مايشوفش أي حاجة من جسمها لو الهواء حرك هدومها،

ولما وصلوا للبيت وقابل أبوها، موسى عليه السلام  حكى له قصته.. فقاله ما تخافش، انت ربنا نجاك من الظلمة..

" فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"

فواحدة من البنات قالت لأبوها خليه يشتغل عندنا فهو قوي واحنا شفنا قوته لما دخل وسط الرجال وسقى الأغنام،

وأمين لأنه مطلبش مننا أجرة على السقاية ومارضيش يمشي وراء البنت وخلاها هي إللي تمشي وراه.

"قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ"

فعرض الأب على موسى عليه السلام إنه يزوّجه واحدة من بناته بشرط إنه يشتغل عنده ٨ سنين ، ولو حب يكملهم عشر سنين فدي حاجة ترجعله،

فوافق موسى عليه السلام وتزوج واحدة من بناته مقابل إنه يشتغل عنده عشر سنين، يعني مهر البنت إن موسى يشتغل السنين دي عند أبوها

 

طيب هو إيه علاقة إنه يشتغل عنده بمهر بنته

ماهو الشيخ الصالح ده مالوش غير البنتين دول

فبيضطروا يخرجوا بداله لكسب المعاش ورعاية الأغنام،

فمهر البنت هيكون إن زوجها هو إللي يشتغل بدالهم في الحاجت دي،

لإنها كده كده ده من مسؤوليتهم همّ مفيش غيرهم، فالمسؤولية والمشقة هنا انتقلت منهم لموسى عليه السلام بالاتفاق ده،

طبعا ده بجانب إنفاقه الطبيعي عليها كزوج

"قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ "

 

موسى عليه السلام من إحسانه أتم العشر سنين، وبعد ما خلّصهم قرر إنه يرجع مصر، وطبعا ده كان قرار غريب لإنه لسه مطلوب بسبب قتله للمصري،

فممكن يكون إنه كان عايز يشوف أمه وأهله، أو ممكن إنه كان عايز يشوف حل للظلم الواقع على بني إسرائيل، والله أعلم

لما خرج من مدين مع أهله ويُقال إن كان عنده ولدين، ويقال إنه خرج هو وزوجته بس، الموضوع مش هيفيدنا كتير،

وهم ماشيين كان الليل جه وموسى عليه السلام كان تايه ومش عارف الطريق ومكننش في نجوم في السماء في الليلة دي،

"فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا "

فشاف نار من بعيد ومعنى النار في الصحراء يبقى دول مجموعة من الناس البدو قاعدين ومستقرين في المكان شوية، فقال لأهله استنوني هنا هروح أسأل على الطريق وأجيب شعلة من النار

"قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ "

فراح موسى عليه السلام ناحية النار وملقاش حد!!

وفجأة سمع صوت ليس كمثله شيء ...!!

"فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"

لا يستطيع أي بشر مهما كان إنه يتخيل الصوت ده،

لقى الصوت بينادي عليه وبيكلمه ويقول له:

يا موسى...إنني أنا الله...مفيش إله غيري في الكون...فاعبدني.. وأقم الصلاة لذِكري..

"إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي"

 

هو ربنا بيتكلم

أيوة طبعا بيتكلم ودي عقيدة أهل السنة والجماعة ..لكن كلامه مش زي كلام البشر ..ولا صوته زي صوت البشر...ليس كمثله شيء سبحانه

 

موسى عليه السلام مذهول

هو عارف إن فيه ((الله عز وجل)) لكن لم يتصور أبدا إنه ممكن يكلمه في يوم من الأيام

فطبعا ربنا عالم بقلب موسى عليه السلام عامل إزاي في اللحظة دي فأراد إنه يُؤنسه، فسأله عن إللي في إيده وهو يعلم سبحانه إيه اللي في إيده،

فقال موسى عليه السلام دي عصايتي بسند عليها وأهش بيها على الشجرة عشان الغنم بتاعي ياكلوا من الورق المتساقط،  وبستخدمها استخدامات تانية كتير وأغراض مختلفة،

يعني هي حتة مني ماقدرش استغنى عنها، فربنا سبحان الله قال له: ارميها يا موسى.

 

، ربنا بيقول لموسى إرمي العصاية بتاعتك إللي معاك على طول وإللي تُعتبر جزء من حياتك وماتقدرش تستغنى هنا دي.

كان إيه رد فعل موسى عليه السلام؟

هل قال لأ؟

طب اشترط وقال طيب يارب أنا هرميها بس تعوضني بواحدة غيرها، أو تعوضني بحاجة أحسن منها؟

مجرد ما ربنا قاله ارميها ...رماها على طول

فلما رماها اتحولت لثعبان بيتحرك

موسى عليه السلام متكلمش

هو اترعب وطلع يجري

"وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ"

فربنا عز وجل ناداه وطمّنه: يا موسى تعالى متخفش، خدها من الأرض تاني، هرجعهالك عصاية زي ما كانت

"يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ"

وفعلا موسى عليه السلام أخدها ورجعت عصا زي ما كانت

 "قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَىٰ "

شوفوا إزاي موسى عليه السلام رمى إللي بيحبه استجابة لأوامر الله ...ومسك إللي بيكرهه استجابة لأوامر الله

أخبارنا احنا إيه بقى ...هل بنسيب الحاجة إللي بنحبها عشان نرضي ربنا ؟

وهل بنعمل الحاجة إللي بنكرهها عشان نرضي ربنا؟

ولا بنتردد ونقدم رِجل ونأخر رِجل ونقعد نتشرّط على ربنا ونسوّف في البذل لله؟

يوسف عليه السلام اتّقَى الله مع امرأة العزيز صح؟

كانت إيه النتيجة

إن ربنا ابتلاه أكتر، بدل فتنة امرأة واحدة بقوا نساااء كتير، يقال في بعض الروايات إنهم أربعين امرأة

طيب هو اتّقى ربنا فيهم همّ كمان وقال رب السجن أحب إليَّ مما يدعونني إليه، صح؟

كانت إيه النتيجة

إنه دخل السجن وقعد فيه سنوات

ولكن النتيجة النهائية للتقوى كانت إييييه

إنتم عارفين بقى زي ماقلنا في قصة يوسف عليه السلام

مُلك وتمكين وعزة وشرف وعلو منزلة ورزق واسع وسعادة بالاجتماع بالأحبة بعد طول فراق، نِعَم مالهاش حدود .

فمش لازم نتيجة تقوى الله تجيلك على طول، ممكن تيجي في نفس اللحظة وممكن تتأخر سنين، لكن أهم حاجة إننا نحقق التقوى

 

طيب ممكن حد يسأل سؤال:

هو ليه ربنا عز وجل فاجأ موسى بموضوع العصا؟

يعني ما كان ينبهه قبلها ويحكيله مثلا:

يا موسى أنا هاخد العصاية متخافش هي هتتحول لثعبان و..وإلخ ليه معملش كده عز وجل🤔

عشان ربنا بيربي موسى عليه بشكل عملي على الموقف إللي هيكون فيه بعدين ومعاه العصا دي وباقي الآيات، يعني من باب تعويده على استقبال عنصر المفاجأة بهدوء واتزان نفسي،

يعني هنا هو جري، طيب لو الموضوع اتكرر بعدين أكيد مش هيطلع يجري مرة تانية وهيبقى ثابت في مكانه

 

المهم،

بعد العصا، ربنا أمر موسى عليه السلام إنه يَدخّل إيده في جيبه ويطلعها ...فطلعها لقاها بيضاء،

وهو أصلا بشرته كان سمراء، فلقاها بيضاء وبتطلع نور كده لما يخرجها زي البرق،

يعني مش بيضا بسبب برص أو مرض أو سوء لأ، دي معجزة ، ولما يرجعها جيبه تاني ويخرجها تاني ترجع زي الأول من غير البياض المُعجِز ده،

"اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ"

 

فربنا قال له خذ المعجزتين دول وروح لفرعون الطاغية وادعوه لعبادتي وإنه يرسل معاك بني إسرائيل ويُطلق سراحهم من العبودية ويبطل يعذبهم،

فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ"

فرعون

 طيب موسى عليه السلام كان ممكن يزور أمه وأهله في الخفاء من غير ما حد يعرف، لكن كده يبقى هيروح للخطر برجليه مباشرة

ياترى هيكون رد فعل موسى عليه السلام إيه؟

وهل فعلا هيروح لفرعون زي ما ربنا أمره؟

 

كنا واقفين المرة إللي فاتت عند موسى عليه السلام لما ربنا إداله المعجزتين وقاله إنه يروح يدعو فرعون لعبادته وحده،

موسى عليه السلام كده هيروح لفرعون إللي كان عايز يقتله وهو هربان منه أصلا

لكن مكنتش دي المشكلة بالنسبة لموسى عليه السلام،

هو مقلش لربنا إنه خايف من القتل، أو إنه مش هيقدر يِوَصّل الرسالة عشان ميعرضش نفسه للأذى،

لأ خالص...ده كان كل همه هو الدعوة

فقال لربنا إنه عنده مشكلة في لسانه ومش بيعرف يقول الكلام مظبوط، وربنا أعلم بيه سبحانه،

فاكرين اللثغة إللي حصلت له من الجمر إللي داقه لما كان صغير؟

أهى هي دي إللي ربنا قال عنها في القرآن على لسانه موسى: "وَلَا يَنْطَلِق لِسَانِي"

فقاله يارب لو أنا هروح فأرجوك إنك تحل لي المشكلة دي عشان الناس تفهم كلامي ومكنش عِبء على الرسالة أو المعنى مايوصلش بسبب إني ما بعرفش اتكلم كويس

"وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي"

 

وفي مشكلة تانية يارب، وهي إني قتلت من بني إسرائيل واحد قبل كده،

فلو روحت دعيتهم أخاف إنهم يقتلوني

وتبقى دي نهاية الرسالة

" قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ"

 

هو مش خايف من الموت، هو بيحاول يحل كل العقبات إللي هتعطل تبليغ الرسالة، فكمّل كلامه وقال:

لكن أنا عندي الحل يا رب، أرسِل لهارون أخي يكون نبي معايا، بحيث لو أنا مت هو يكمّل...ولو معرفتش أتكلم هو يتكلم بدالي وهو أفصح مني في الكلام.

"وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي

"وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ "

 

فموسى عليه السلام مكنش شاغل باله غير إنه إزاي يِوَصّل رسالة ربنا بنجاح وبس...مش مهم بالنسبة له الأذى إللي هيحصل له ...مش مهم إنه ممكن يتقتل ...عادي جدا...مادام في سبيل الله خلاص كله يهون

فربنا طمّنه وقاله إنه هيرسل معاه أخوه عشان يشجعه ويكون سبب يتقوى بيه،

فموسى عليه السلام قال لربنا إنه خايف برده أحسن فرعون يقتلهم هم الإتنين وكده الرسالة بردو تقف، فربنا طمّنه بإنه هيكون معاهم بسمعه وبصره فمفيش أي داعي للقلق

"قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ"

 

يعني احنا كمان ربنا معانا في كل مكان

أيوة ربنا معانا في كل مكان لكن مش بذاته سبحانه، لإن ربنا عز وجل في السماء، مُستوِي فوق العرش استواء يليق بيه سبحانه،

"الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى"

احنا عقلنا مايستوعبش الموضوع ده بتكويننا الدنيوي ده، وهنعرف لما ندخل الجنة إن شاء الله ونشوفه،

فهو معانا عز وجل بعلمه: يعلم عننا كل شيء حتى الغيب إللي احنا منعرفوش عن أنفسنا،

ومعانا بسمعه، يعني بيسمع كل شيء مهما كان الصوت من داخل خواطرنا وأنفسنا،

ومعانا ببصره: يعني يرى كل شيء حتى لما تكون الدنيا ضلمة جدا

وحتى لو الأشياء محجوبة بأشياء تانية، هو الظاهر والباطن عز وجل لا يخفى عن بصره أو سمعه أو علمه شيء،

وسمعه وبصره وعلمه غيرنا احنا البشر،

 

ربنا استجاب لدعاء موسى عليه السلام وأوحى إلى أخيه هارون عليه السلام في المكان إللي كان فيه ساعتها بنفس الرسالة إللي قالها لموسى عليه السلام،

رجع موسى عليه السلام لأهله بعد ما كلّم ربنا عند جبل الطور، وحكى لهم إللي حصل ووصلوا مصر،

واتقابل موسى مع هارون وحكاله إللي حصل فقال له هارون إن ربنا أوحى له هو كمان بالفعل واتفقوا إنهم يروحوا لفرعون.

 

لما الواحد يلاقي أول شخص بيؤيد دعوته وشاف آياتها زيه بالظبط هو أخوه أكيد هيبقى حاسس بالاطمئنان والثبات،

وتَحقّقت دعوة موسى عليه السلام  إللي قال فيها:

"وأَشْركه في أمري"

وأي حد يكون في وضع شبه ده ويستعين بحد قريب منه ده مش شرك ولا تعلّق بالمخلوقين احتياجنا لبعض وائتناسنا بدعم بعض دي فطرة طبيعية ربنا غرسها فينا،

لكن بعد الاستعانة بالله طبعا والتعلق بيه وحده سبحانه

 

المهم،

تاني يوم راح موسى عليه السلام ومعاه هارون، وداخلين على القصر شافوهم الجنود ...حصل قلق ...ابن فرعون رجع

وصل الخبر لفرعون وكان قاعد مع وُزراؤه وحاشيته،

قعد مستني عشان يشوف إيه إللي رجّع موسى عليه السلام بعد السنين دي كلها

دخل موسى وهارون عليهما السلام على فرعون،

أول ما شافه فرعون قال له :

مش إنت إللي ربِّيناك لما كنت صغير وكبَّرناك

"أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ"

و مع ذلك محفظتش الجميل وعملت عملتك الرهيبة إللي من شدتها مش قادر أقول هي إيه

وهربت بعملتك دي سنين بكل جحود منك وكفران لنعمتي عليك

"وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ"

 

يعني موسى عليه السلام عمل كارثة فظيعة لما قتل إنسان بدون قصد نهائي؛ لكن لما فرعون ذبح مئااات الأطفال عامد متعمد كده كان بيعمل رز بلبن

 

المهم بقى موسى عليه السلام عشان يقفل الحوار ده خالص ويعلمنا فضيلة الاعتراف بالخطأ؛ قال له أيوة أنا عملت كده قبل ما ينزل عليّ وحي من رب العالمين وأنا كنت لسه جاهل بحكم الأمر ده،

وهربت عشان كنت خايف منكم تقتلوني بذنبه في حين إن أنا مكنش قصدي أقتل، وربنا جعلني رسول بعد السنين دي كلها،

"فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ"

ثم إنت بتمنّ عليّ بإيه بالظبط!

هو أنا إيه اللي خلاني أتربّى في قصرك أصلا غير إنك كنت مستعبد بني إسرائيل وكنت بتقتل الأطفال الصغيرين وأنا فَلَتّ من القتل بتدبير ربنا مع كرهك لده طول الوقت

"وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ"

 

أوباااا فرعون اتزنق

هيرد يقول إيه ولا يدافع عن نفسه بإيه دلوقتي

 

لما فرعون لقى إنه اتزنق ومبقاش عارف يرد راح مغيّر الموضوع وقال لموسى:

 "وما ربُّ العالمين"؟!

هو مين رب العالمين ده إللي إنت بتقول عليه

فبدأ موسى عليه السلام يِعرض رسالته إللي هو جاي عشانها أصلا

قال له رب العالمين هو إللي خلق السماوات والأرض وما بينهما، وأنا رسول من رب العالمين ده،

"قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ"

 

جايلك برسالة منه إنك تسيب بني إسرائيل وتحررهم ومتعذبهمش، أنا هاخدهم كلهم ونطلع من البلد...

"إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ"

 

وأنا لإني رسول من عند ربنا فأنا لا يمكن أنقل عنه عز وجل إلا الصدق والحق.

"حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ"

 

فرعون سمع الكلام ومبقاش عارف يرد

 هو كان بيقول لبني إسرائيل عن نفسه إن هو شخصيا الرب الأعلى،

 يعني هو الخالق والرزاق ومالك الملك ومدبر الأمر، فلما دلوقتي بقى في كلام عن خالق حقيقي وكده هيتفضح فعلا وهيبان إنه بيقول أي كلام؛

فبدأ يتوّه المواضيع عن طريق السخرية من موسى ويقول للملأ إللي حواليه:

سامعين الكلام  العجيب ده

هاه! وإيه تاني يا موسى هتقولهولنا وتتحفنا بيه

"قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ"

فموسى عليه السلام رد:

"قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى"

يعني ربنا هو إللي وهب كل مخلوق من خَلْقه إللي يصلُح له وينصلح عليه حاله، أعطى للإنسان ما يخصه وأعطى للحيوان ما يخصه،

فقال له فرعون طيب والقرون الأولى إيه نظامهم ... يعني الناس السابقين معبدوش ربنا زي مانت بتقول ليه

"قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى"

 

رد موسى عليه السلام:

"قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى"

يعني ربنا عالم بأعمالهم وهيجازيهم عليها ، وربنا مُحصي لكل شيء في كتابه وكل إنسان هيتجازى بكل إللي عمله سواء الفعل كان صغير أو كبير

فرعون لما ملقاش رد مُقنع على كلام موسى عليه السلام وحس إنه فعلا وصل لحيطة سد ومبقاش نافع إللي بيعمله، بدأ يتعدى عليه بالكلام

"قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ"

 

وبدأ يحاول يأثر على الملأ والحاضرين بأي كلام فبيقول لهم: أنا عمري ما قابلت ولا عرفت إله تاني ليكم غيري يرزقكم ويدبر أموركم ويملككم،

 "مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي "

بصوا: مش مصر دي ملكي أنا؟ والأنهار إللي بتجري من تحت قصري دي بتاعة مين؟

"أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي"

 

وكإن مصر والأنهار دي هي الكون كله مثلا

 

وزيادة في السينمائية والشقلباظات والألاعيب إللي بيحاول يأثر بيها عليهم

 قال لقائد الجنود بتاعته هامان:

"يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ .. أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا ۚ"

يعني يا هامان ابني لي برج عالي عشان أطْلَع عليه فوق لحد السما أشوف إله موسى ده يطلع إيه بالظبط!

 ده موسى ده كذاب أصلا

حيلة الضعيف المهزوم المخذول، إنه يتهم الصادق بالكذب

 

 برغم كل ده موسى عليه السلام مهتمش أصلا بكلامه ده واستمر في تبليغ رسالته للحاضرين،

فكمل كلامه:

"قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ "  يعني الله هو خالق المشرق والمغرب،

وهو إللي مهّد الأرض وخلق فيها البحار والأنهار، لو كنتم بتفكروا وعندكم عقل

 

هنا بقى فرعون جاب آخره فعلا

موسى عليه السلام عمّال يقول له الحُجة ورا الحجة وده مش عارف ينطق ولا يرد إلا بكلام سخيف،

فراح مستعمل سلاح القوة ودي حيلة الظلمة والطغاة في كل عصر، منطق القوة، قال:

لو عبدت إله تاني غيري أنا هسجنك

"قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ"

 

موسى عليه السلام استغل الفرصة وقال:

"قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ "

يعني طب ولو أنا جبتلك دليل على إني فعلا رسول؟!

فرد فرعون وقال له:

"فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ"

يعني طيب وريني كده لو انت فعلا صادق

فموسى عليه السلام رمى العصا بتاعته فاتحولت لثعبان بيتحرك

"فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ"

طبعا كل إللي في القصر اتفزعوا

ده موسى عليه السلام نفسه لما جرب الموقف ده قبل كده  طلع يجري

فراح موسى عليه السلام  ماسك الثعبان، فاتحول لعصا تاني... والناس مذهولة

وبعدين أدخل إيده في جيبه وخرّجها طلعت لونها أبيض لامع زي البرق!

" وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ"

وموسى عليه السلام أصلا كانت بشرته سمراء زي ما قلنا قبل كده،

وبعدين دخلها تاني وخرجها فرجعت للونها الطبيعي الأسمر! حاجة مُبهرة والناس واقفة مذهولة من الآيتين دول،

 

لكن طبعا لما فرعون شاف معجزات موسى عليه السلام عمل إييييه

 "قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ "

 يعني ده سِحر

واحنا هنقدر نجيبلك سِحر زيه ..مش حاجة صعبة يعني الألاعيب بتاعتك دي

"فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ "

وبدأ يِشحن الملأ إللي حواليه ويسخنهم على موسى،

 "قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ* يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ "

يعني يا مَلِئي العزيز موسى ده ساحر، وعايز يطلعكم من أرضكم ويفسد في الأرض، إيه رأيكم في الكلام ده...نعمل إيه وتؤمروا بإيه

 

قال فرعون المستبد الظالم بياخد رأي الملأ ! وبيقول لهم تؤمروا بإيه....ده من إمتى ده

طبعا من أول ما حس بالخطر على مُلكه وسلطانه

فكان جواب الملأ:

قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ"

يعني أجّل الموضوع ده وهنبعت رسائل لكل كبار السحرة إللي في البلد ييجوا عشان يواجهوا سحر موسى بسحر مثله

 

فموسى عليه السلام قالهم:

انتم بتقولوا عن المعجزات الواضحة الصادقة بتاعة ربنا

 إللي تبهر دي  إنها سِحر

"قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ"

فقالوا له:

انت جاي تبعدنا عن دين أباءنا وأجدادنا...انت شكلك طمعان في الملك وعايز تحكم البلد انت وأخوك وتطلعنا منها

 

بيرددوا نفس كلام فرعون بدون عقل أو تفكير

 

وبدأوا يتْحدّوا موسى:

"فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى"

يعني إذا كنت انت جيت بسحر فاحنا كمان عندنا سحرة وهنجيبلك سحر زي سحرك

فاختار ميعاد ومكان معلومين محدش فينا يتخلف عنه، ويكون في مكان وَسَط بين الفريقين من حيث المسافة

 

فموسى عليه السلام شاف إن الموضوع فرصة عشان تبقى الدعوة علناً، فقال لهم:

"قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى"

يعني الميعاد هيكون يوم العيد، واجمعوا الناس كمان عشان يشوفوا الفريقين، ونتقابل هناك في وقت الضحى.

 

طيب وهو فرعون مقتلش موسى عليه السلام وخلص نفسه، ليه كل ده

لأن لو كان عمل كده كانت الناس هتقول إن فرعون خايف من موسى،  وتحصل بلبلة وقلق هو في غِنى عنها دلوقتي لإنه في أضعف أوقاته،

فهو اعتقد إن الأحسن إنه يجيب السحرة ويكذّبوا موسى قصاد الناس كلهم،

وساعتها هيبقى له كل الحق إنه يقتله بتفويض من الناس ...ومحدش هيعترض

 

وجه اليوم الموعود ، وجمعوا أمهر السحرة في كل البلد ، وُيقال في عدد من الروايات إن عدد السحرة وصل لسبعين ألف

متخيلين العدد؟ يعني مثلا حجم استاد كرة قدم مثلا مليان بالسحرة في المدرجات كل واحد معاه سحر أشكال وألوان ، وكمان الناس مجتمعين عشان يشوفوا أنهي فريق إللي هيكسب ..

يعني حشد كبير جدا من البشر وكلهم ضد موسى عليه السلام،

السحرة بقى لقوها فرصة فقالوا لفرعون لو احنا غلبنا هتدينا مكافأة وأجر كبير

"وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ"

 

فقال لهم:

 مش بس أجر ومكافأة، لأ ده انتم هتكونوا من المقربين مني ...من الحاشية بتاعتي

"قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ"

 

فبدأ العرض، واتوجهوا ناحية موسى وبدأوا يكلموه:

"قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ "

يعني إما تبدأ انت بإلقاء سحرك يا إما احنا إللي نبدأ

 

 فاختار موسى عليه السلام  إنهم همّ اللي يبدأوا..

"قَالَ بَلْ أَلْقُوا"

رمى السحرة الحبال والعصيان إللي معاهم وأقسموا وهمّ بيرموها وقالوا:

بعزة فرعون إحنا إللي هنغلب موسى النهاردة

"فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ"

 

فسحروا عيون الناس وهَيَّأوا ليهم إن الحاجات دي بتتحرك بِحِيَل وألاعيب السحرة

"فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ"

 

هنا موسى عليه السلام خاف في نفسه وقلق

"فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ."

فربنا أوحى له إنه ميخفش وميقلقش وإن إنت إللي هتغلب فرعون في الآخر...بس إنت ارمي عصاك،

"قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ ۩ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا "

فلما رمى موسى عليه السلام العصاية بتاعته اتحولت العصا لثعبان كبير بدأ ياكل كووول الحبال إللي كانت على الأرض إللي كانت بتتحرك بسبب تحريك السحرة لها بالسحر والناس كانوا فاكرينهم بيتحركوا عشان اتحولت لثعابين حقيقية

"إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ"

 

السحرة أول ما شافوا المنظر ده، من غير أي ذرة تفكير: سجدوا وقالوا آمنا برب موسى وهارون،

"فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ"

 

طبعا كل الناس مذهولة

سواء من معجزة موسى أو من إعلان السحرة عبوديتهم وإيمانهم برب موسى وهارون

وغضب فرعون جدا وبدأ يتوعّد السحرة :

"قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ"

يعني انتم آمنتم بموسى قبل مانا أأذن لكم

يبقى هو ده كبيركم إللي علمكم السحر وانتم متفقين سوا  عشان تنزعوا مني ملكي وسلطاني،

وبدأ يهددهم ويرهبهم ويخوفهم ويقول:

"فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى "

أنا هوريكم العذاب أشكال وألوان !!

هقطّع إيديكم ورجلكم وهصلبكم في جذوع النخل وهتشوفوا مين إللي عذابه أشد ، أنا ولّا إله موسى

 

بكل هدوء ويقين السحرة قالوا كلام عجيب جدا وهمّ إللي لسه يا دوب عمر إيمانهم دقايق فقط :

"قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ"

 يعني اعمل إللي تعمله ...إنت هتعذبنا في الدنيا الفانية، وخلاص العذاب هينتهي مجرد ما هنموت،

لكن هنقول إيه لربنا في الآخرة الباقية لو سمعنا كلامك

 احنا طمعانين إن ربنا يغفر لنا ذنوبنا إللي فاتت لما يلاقينا إننا أول ناس آمنت بعد رؤية الآيات،

""إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ"

وطمعانين يغفر لنا خطيئة السحر إللي انت أجبرتنا نتعلمه ونستعمله ضد موسى.. مش هنختار حاجة من هنا ورايح قبل رضا ربنا عنا عز وجل..

"قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا "

وفعلا، أمر فرعون الجنود بتوعه بتنفيذ الوعيد إللي قاله في شأن السحرة.

 

طيب سؤال: هو فين الشعب

مفيش حد من شعب مصر يقف قصاد فرعون ده وينقذ السّحرة المساكين دول رغم إن واضح جدا مين إللي معاه الحق

للأسف الناس إللي اتعودت على الظلم والقهر مبيقدروش يواجهوا الظالم، بيكون شعارهم في الحياة خلونا نمشي جنب الحيط وناكل عيش احنا مالنا

هو حد قالهم يتحدّوا فرعون ويعرّفوه إنهم آمنوا!

ما كانوا يقولوها في السر وخلاص! ..همّ إللي جابوه لنفسهم

 

طيب هل آمن مع موسى حد من المصريين؟

لم يؤمن معاه إلا القليل، بسبب خوفهم من بطش فرعون وجبروته،

 

مين إللي آمن بموسى عليه السلام؟

وإيه إللي حصل مع فرعون بعد كده ؟

 

وقفنا المرة إللي فاتت عند فرعون لما أمر إن السحرة إللي آمنوا كلهم تتقطع إيديهم ورجليهم وبعدين يتصلبوا في جذوع النخل والبلد مقلوبة

السحرة إللي كانوا مُوَالين لفرعون بيتقتلوا لمجرد إنهم آمنوا بموسى عليه السلام،

ودي عادة الطواغيت،

إنهم في أي لحظة ممكن يقتلوا أي حد حتى الموالين ليهم إللي نصروهم في كذا موضع قبل كده عشان يحافظوا على مُلكهم

طبعا فرعون مقدرش يعمل حاجة لموسى عليه السلام،

لأنه لو قتله هيتحول لشهيد مظلوم، وهتحصل فتنة كبيرة جدا في البلد؛

لإن الناس كلهم شافوا إللي حصل، فموسى عليه السلام في مَوْضع قوة دلوقتي،

وفرعون كان ذكي، فكان عايز يلم الموضوع في الموقف ده لحد ما يدبّر له مكيدة تانية يخلص بيها منه

 

الشعب شاف كل إللي حصل ده قصاد عينهم وعرفوا صِدق موسى عليه السلام وإن هو إللي معاه الحق،

ومع ذلك محدش فيهم آمن لموسى عليه السلام

 

 من شعب مصر كله لم يؤمن إلا ثلاثة أشخاص غير السحرة،

أولهم ابن عم فرعون.

وطبعا كان بيخبي إيمانه؛ لأنهم لو عرفوا إنه آمن بموسى هيتعرضوا له بالقتل زيه زي السحرة

فكان بيحضر الاجتماعات مع فرعون وباقي الملأ ومحدش عارف إنه مؤمن،

وكان الملأ في مجالسهم بيحرّضوا فرعون إنه يقتل موسى أو حتى يؤذيه، ويقولوا له:

هو انت هتسيب موسى يفسد في الأرض ويخرّب عقول الناس ويدعوهم إنهم يعبدوا إلاهه ويسيبوا عبادتك

"وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ "

 

فقال لهم فرعون انتم بس ادوني تفويض من الشعب عشان أقتل موسى ويبقى يستنجد بربه ينقذه أو يمنعه مني،

أنا خايف على مصلحتكم كلكم ...لإن ده جاي عاوز يغير دينكم ويُفسد في الأرض ويخرب البلد....صحيح

"وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ "

 

شوفوا إزاي

ده على أساس إنك مش خايف على مُلكَك انت بس، وإنك بيهمك مصلحة الناس أوي ونفسك تعوّض الشعب المسكين إللي لم يجد مَن يحنو عليه

 

الرجل المؤمن لما سمعهم بيتكلموا عن قتل موسى عليه السلام بدأ يكلمهم عشان يحاول يمنعهم من قتله عليه السلام، وفي نفس الوقت من غير ما يفهموا إنه بيعمل كده عشان هو  مؤمن زيه،

فكان بيقول لهم كلام منطقي يقنعهم ويُخاطب عقلهم، قال لهم:

انتم عايزين تقتلوا واحد لمجرد إنه بيقول الله ربي، متسيبوه يقول براحته

وكمان ده جالكم بدليل ومعجزة تثبت للناس إنه فعلا رسول من عند ربنا وتؤكد صدق كلامه

"وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ "

 

يعني الرجل المؤمن ده عاوز يقول لهم انتم كده موقفكم بقى أصعب ومحتاج خطط تانية غير القتل.. سيبوه خالص،

وهو لو كان كاذب فهو إللي هيتحمّل نتيجة كذبه لوحده وهيتفضح أمره والناس مش هترحمه

ولو طلع صادق فعلا وكنتم قتلتوه ممكن ينزل عليكم عقوبة من السماء زي ما حصل زمان..

"وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ"

وبعدين بدأ يزوّد أكتر في الكلام ويتكلم بوضوح أكبر فقال لهم:

كفاية إنكم متمسكين بدينكم الغلط، يعني انتم مفكرين عشان عندكم سلطان وقوة وقاهرين لبني إسرائيل يبقى انتم كده محدش هيقدر يَقهركم

طيب مين إللي هينجينا من قوة ربنا وقهره وعقابه لو نزل علينا

"يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا "

 

فهنا بدأ فرعون يعرف إن الرجل المؤمن ده آمن بموسى عليه السلام واتبعه،

فبدأ يغضب وجنون العظمة رجعله تاني ووجه كلامه للناس قبل ما يتأثروا بكلام المؤمن، وقال:

أنا رأيي هو الصح ومش بعمل غير عشان مصلحتكم ، ومصلحتي هي مصلحتكم، وأنا مش بقول لكم غير الصح وهو إني أقتل موسى، أنا لو سبته هيغير دينكم ويخرب البلد

"قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ"

 

فقال الرجل المؤمن:

أنا خايف عليكم لو قتلتم موسى هيحصل لكم زي ما حصل يوم الأحزاب...الأقوام إللي تحزّبوا ضد أنبياؤهم نوح وهود وصالح وإللي جاءوا بعدهم ...ربنا أهلكهم جميعا،

فلو اتجرأتم عليه وأذِتُوه ربنا هيهلككم زي ما أهلكهم

"وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ"

 

ويوسف كان جاءكم بالبينات هو كمان وفضلتم شاكين في الدين إللي جاء بيه، ولما مات قلتم خلاص لن يبعث الله رسول تاني،

"وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا"

 

عشان كده وصلتم للضلال إللي انتم فيه دلوقتي،

اسمعوا كلامي هوصلكم للطريق الصحيح ...يا جماعة كلنا هنموت في النهاية..وقتنا في الدنيا قليل،

فمتتغروش بالمتعة البسيطة إللي معاكم وتنسوا يوم القيامة والآخرة دار الاستقرار...

"يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ"

 

وأنا ليه كل ما أدعوكم لاتباع دين موسى الحق عشان تدخلوا الجنة انتم تدعوني للكفر بالله وكده هدخل النار

"وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ"

 

للأسف بعد كل ده محدش فيهم اقتنع ومنعهم كِبرهم إنهم يؤمنوا بموسى عليه السلام،

فقالهم : بكرة تشوفوا وتعرفوا لما تحصل الكارثة إني كان معايا حق ...بس ساعتها مش هينفعكم أي ندم

"فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ"

 

هم كانوا عارفين إن موسى على حق وإن المؤمن ده كلامه صحيح، لكن الكبر بقى عن اتباع الحق

فلما لقوه بيتكلم كده عرفوا كلهم إنه آمن لموسى عليه السلام

طبعا بقوا عاوزين يقتلوه ويخلصوا منه، لكن ربنا نجاه من بطشهم.

" فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ"

 

الشخص التاني إللي آمن برسالة موسى، زوجة الرجل المؤمن ده..

وكانت بتشتغل ماشطة لبنت فرعون، وكانت هي كمان آمنت مع زوجها في السر، وفي يوم من الأيام وقع المشط من إيديها فقالت بتلقائية : بسم الله.

فابنة فرعون التفتت وهي بتسألها : الله ده أبي

فالمرأة قالت لها لأ : اللهُ ربي وربك ورب أبيكِ

فالبنت غضبت وقالت لها: انتي عندك إله غير أبي

 

وراحت البنت لفرعون وحكت له عن موضوع الماشطة فجابها وسألها وهو غضبان: انتِ بتعبدي رب غيري

فالمرأة قالت: نعم.. ربي الله

فأمر الجنود إنهم يجيبوا وعاء كبييير ، ويحطوا فيه زيت، ويولّعوا النار تحت الزيت ده لحد ما بقى بيغلي...

وكل ده وهي شايفة...

فكرر عليها السؤال، وهي كررت نفس الإجابة بكل ثبات ويقين

وكان جاب أطفالها الخمسة للقصر، فكانوا شايفين اللي بيحصل ومفزوعين من المنظر ماسكين في أمهم مش فاهمين في إيه

خافت فرعون ياخدهم فبقت بتحاول تحضنهم وتمسك فيهم كلهم،

لكن هي معندهاش غير ايدين اتنين فقط فمش عارفة تحمي مين ولّا مين!

وفجأة أمر فرعون الجنود إنهم ياخدوا طفل من الأطفال ..

بتشده منهم بكل قوتها...فيسيبوه ويمسكوا التاني،

وفضلت تقاوم بكل طاقتها لحد ما أخذوا منها واحد وجرّوه وهو بيبص لأمه وبيعيط ويقول لها ساعديني وهي بتبكي،

أخدوه بعيد عنها ثم قدام عينيها رموه في الزيت المغلي

وهي لحظات، والطفل غاب وسط الزيت،  وبعدها عضمُه طلع على وش الزيت

قلب الأم بقى قايد نار وحُرقة..وفرعون يسألها : ليكِ إله غيري؟

وهي تقول من بين الدموع وبكل ثبات ويقين:

ربي وربك الله !

فياخد الجنود طفل تاني ويجرّوه وهو بيبكي ويصرخ ويستغيث بيها، مفزوع أكتر من الأول بعد ما شاف إللي حصل لأخوه،

وأمهم شايفة المنظر ولا حول لها ولا قوة ... رموه في الزيت ...ثم الثالث ثم الرابع..

 متبقاش معاها إلا رضيعها الصغير، بقت تضمه بكل قوتها لحضنها وكإنها بتتمسك بآخر نَفَس ليها في الحياة ...

لكن جنود الطاغية سحبوه من ايديها  وأخدوه رموه في الزيت المغلي هو كمان

الخمس أطفال كلهم ماتوا وشافت عِظامهم وهي بتطفو على وش الزيت.. شريط ذكرياتها معاهم بيتعاد قصاد عنيها،

وكل ده وهي ثابتة لله ومحتسبة.. واحنا مش قادرين نستغنى عن سماع الأغاني ..مش قادرين نستغنى عن شوية افلام ومسلسلات ..

مش قادرين نثبِّت نفسنا على طاعة ربنا... مش قادرين نترك الغيبة والنميمة والكذب وقول الزور وأكل المال الحرام..

 

 

طلبت المرأة من فرعون إنه بعد ما يقتلها إنهم يجمعوا عظامها وعظام أبنائها في قبر واحد،

فقال لها فرعون:

"ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنْ الْحَقِّ"

يعني حقك علينا إننا ننفذ لك طلبك، وألقوها في الزيت وماتت

القصة بالنسبة لنا انتهت لكن بالنسبة لها منتهتش،

لأن الله أسكنها هي وأبناءها جنة عرضها السماوات والأرض، وكلنا عارفين إن غمسة واحدة في الجنة تُنسي أشد أهل الأرض بؤسه

 

الشخصية الثالثة إللي آمنت بموسى عليه السلام كان شخص غير مُتوَقع خالص

من وسط القتل والظلم ده آسية زوجة فرعون تؤمن بموسى عليه السلام

بقى زوجة الفرعون ده تؤمن

طب إزاي .. ؟! هي مش خايفة منه.. ؟ مش خايفة يقتلها ولا يعذبها..؟ طيب إزاي تؤمن أصلا وهي السيدة الأولى لمصر ساعتها..الملكة...!!

وعندها كل حاجة تحت إيديها، الأموال والقصور والمجوهرات والخدم، وزوجها بيحبها جدا ،

يعني عندها كل ما يمكن أن تتمناه أي امرأة ..هي عايزة إيه أكتر من كده

بكل بساطة هي عرفت إن كل ده زائل و لا يُقارن بجنة عرضها السماوات والأرض يعيش الإنسان فيها أبدا

وزي ما قال واحد من الصالحين:

ماذا وَجَد من فَقَد الله؟

كل نعيم الدنيا ولا له أي لازمة ولا قيمة لو كان الإنسان بعيد عن ربنا

إللي عرف ربنا وعاش في هدايته، فاز بالنعمة التامة الكاملة حقيقي

طيب والناس هتقول عليها إيه...وهتواجه المجتمع إزاي.. هتواجه زوجها المجنون إللي بيقول إنه إله ده إزاي

تنازلت عن كل ده وواجهت كل ده ... إيمانها بالله كان قوي وراسخ كالجبال

"وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا"

كلنا عايزين النعيم في الآخرة ..لكن مين إللي بيسعى السعي الصحيح عشان يحصل على النعيم ده

 

طبعا آل فرعون لما عرفوا إنها آمنت ، كتفوها بالحبال وسحبوها وصلبوها وعذبوها، وهي ثابتة وبتضحك !

والناس قالوا عليها مجنونة !! بنعذبها وبتضحك

وكل ده وهي ثابتة بكل يقين.. مش زي بعض الناس مجرد ما ربنا يحط لهم ابتلاء بسيط في طريقهم أول حاجة يتنازلوا عنها هي الدين

فلانة لو عايزة تشتغلي؟ اقلعي نقابك...!

فلانة عايزة تتجوزي؟ متلبسيش النقاب عشان يجيلك عرسان، واتعاملي مع الرجال عادي عشان مايقولوش عليكِ دمك تقيل....

فلان عاوز تسافر؟ ادفع رشوة ...فلان عاوز تنجح؟ لازم تتعلم فنون الغش من زمايلك..

 

ونسينا إن كل ده رزق بيد الله وما عند الله يُنال بطاعته ولا يُنال بمعصيته

السعادة رزق، الحُرية رزق، الزواج رزق، المرتب رزق، القبول رزق.. منطلبوش بمعصية الله ولا بالتفريط في ديننا

 

آسية ضربوها بالسّيَاط لحد ما الجلد كشف عن اللحم، فبعت لهم فرعون إنهم يسألوها لو هي عايزة أنا ممكن أخلصها من العذاب ده بس تكفر بإله موسى، ولو رفضت ..اقتلوها

فسألوها :ترجعي عن كلامك ، فقالت : لأ ..آمنت بالله، رب موسى وهارون.

فأخدوها عشان يقتلوها بصخرة عظيمة جدا وضخمة، فقالت قبل ما تتقتل:

"رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"

فربنا في اللحظة دي كشف عنها الحجاب وخلاها تشوف قصرها في الجنة وهي في الدنيا

 

طيب فرعون عمل إيه بعد كل ده

صرف نظر عن قتل موسى عشان مينزلش عليهم العذاب زي ما المؤمن قال لهم فعلا،

لكن هو والملأ لسه برده عايزين يشوفوا حل للموضوع ده، يعملوا إيه دلوقتي؟

كده الأمور هتخرج من تحت سيطرتهم

قالوا باااااس !

مش موسى كان عايز يرفع الظلم عن بني إسرائيل ويطلعهم من مصر...احنا بقى ننتقم من بني اسرائيل دول

وطبعا بني إسرائيل لما يشوفوا إن حصل لهم الأذى بسبب موسى هيقلبوا عليه،

ويبقى انصراف الناس عن الإيمان بموسى جت منهم هم

 

وكان موسى عليه السلام بيدعو في بني إسرائيل إلى الله في السر عشان ميلفتش نظر فرعون وجنوده للي بيؤمنوا من بني إسرائيل،

وقعد في مصر فترة من الزمن، وهو عنده طلب محدد من فرعون وهو إنه ياخد بني إسرائيل ويخرج من مصر وفرعون رافض تماما، ليه

لأن لو موسى أخد بني إسرائيل هيحصل انهيار كبير في البلد، مين إللي هيعمل الأعمال إللي بيستغل العبيد بتوعه فيها وإللي هي بالنسبة لفرعون أعمال مش بتليق بالملوك وبالطبقة الأرستقراطية بتاعته!؟

زي مثلا الناس إللي بيعتمدوا على جامعي القمامة وإللي بيغسلوا لهم الصحون طول عمرهم،

وإللي بيسقوا الجنينة بتاعة بيتهم مثلا وينضفوا حظيرة الحيوانات وهكذا،

فلو فجأة مبقاش في حد يشتغل لهم الشغل ده في بيوتهم، هيبقى إيه الوضع

ففرعون أمر جنوده إنهم يبدأوا خطة الانتقام إللي هتخلصهم من دعوة موسى وهتحفظ لهم الملك والعبيد والسلطان زي ما هم تحت قبضتهم،

فرجع تاني يقتل أبناء بني إسرائيل ويسيب النساء للخدمة والاستعباد، وبدأت المجزرة.. قتل واعتقال وظلم وقهر،

"قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ"

 

فموسى عليه السلام قال لقومه من بني إسرائيل :

استعينوا بالله على ظلم فرعون واصبروا على إللي بيعمله ...التغيير مش هيحصل بين يوم وليلة ...عشان ربنا يُمكّن لنا وينصرنا لازم هنعدي  على الإبتلاءات عشان ربنا يشوف صبرنا ، وفي الآخر هتلاقوا إللي يقر عيونكم ويفرحكم بعد التعب والصبر.

"قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ "

 

طب كان إيه رد فعل بني إسرائيل عليه؟

"قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا"

يعني قالوله احنا في ظلم وقهر وقتل من قبل ما تيجي وحتى من بعد ما جيت...ماعملتلناش حاجة يعني ...مفيش جديد، واحنا كنا متصورين إنك هتنقذنا من الهم ده

فمحدش سمع كلام موسى عليه السلام، والشباب بس هم اللي سمعوا كلامه لأنهم كانوا لسه سنهم صغير مكنوش لسه اتشبّعوا بالظلم والقهر والخضوع إللي أباؤهم اتعودوا عليه ورضيوا بيه ، ومع ذلك كانوا خايفين برده من بطش فرعون لكنهم ما استسلموش ..

"فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ"

كانوا مصممين إنهم يتبعوا الحق مهما كانت العواقب رغم خوفهم الشديد من فرعون

فموسى قالهم اتوكلوا على الله لو كنتم فعلا صادقين في إيمانكم بالله القوي العزيز مالك الملك،

كل حاجة بإيدين ربنا ...بس لازم تِثْبَتوا كويس الأول عشان نعدي من الإختبار ده على خير ورضا من ربنا..

"وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ"

فقالوا له: اتوكلنا على الله ،ودعوا إن ربنا ينجيهم من فرعون وجنوده.

"فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا.. ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين.. وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ "

إيه إللي حصل مع فرعون بعد كده؟ وهل كانت العصا واليد آخر المعجزات ولا كان في معجزات تانية؟

 

وقفنا المرة إللي فاتت عند فرعون لما رجع تاني يقتل أبناء بني إسرائيل عشان ينتقم منهم ومن موسى عشان يتركوا الإيمان بموسى ويفضلوا قاعدين في البلد ميمشوش مع موسى عليه السلام،

وعاش موسى عليه السلام في مصر يدعو في بني إسرائيل، لإنه في الأساس كان رسول ليهم هم، وكان جاي بهدف إنه يخرجهم من مصر،

فكان بقى مستني اللحظة المناسبة إللي يقدر فيها يحقق هدفه بالخروج ببني إسرائيل برة مصر بعيد عن قبضة فرعون،

وموسى عليه السلام كان عايز يَخرج بيهم من مصر لأنهم ذرية يعقوب عليه السلام،

وكانوا موحدين على دين يعقوب ويوسف عليهما السلام ومكنوش بيعبدوا فرعون أو أي آلهة غير ربنا عز وجل، رغم الظلم والبطش والترهيب الفرعوني الشديد،

عشان كده ربنا اصطفاهم على غيرهم من الأمم بسبب صبرهم ده، وكل الأنبياء إللي بعد كده هييجوا من بني إسرائيل حتى عيسى عليه السلام،

لكنهم دلوقتي مُعَرَّضِين للقهر والظلم، فربنا أراد إنه يخرجهم من الظلم والبطش ويرجعهم لبيت المقدس إللي بناه يعقوب عليه السلام مرة تانية عشان يهيأ الاسباب لمجيء باقي الأنبياء بعدين

لكن فرعون مش موافق إطلاقا إنهم يخرجوا عشان مايحصلش إنهيار في الدولة بسبب عدم وجود عمال، زي ما قلنا المرة إللي فاتت،

 

ربنا أراد إنه يُقيم الحُجة على فرعون أكثر فأرسل معجزات تانية: "وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ "

أولها القحط والجدب...

 "وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ"

مفيش مطر ..النيل نشف! ..مبقاش في مية

 

هي مش دي الأنهار إللي فرعون كان بيستدل بيها على ألُوهيته ويقول :

"أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون"

 

فرعون طبعا عرف إن ده بسبب موسى عليه السلام، فبعت لموسى إنه لو رَجَّع النيل تاني والمطر نزل هيسيب بني إسرائيل يخرجوا معاه برة مصر..

فدعا موسى عليه السلام ربنا، فربنا رفع عنهم القحط والجدب ونزل المطر ورجع النيل يجري من تاني!

وطبعا اللي يخون ربنا يخون أي حد

فرعون خَلَف العهد مع موسى وخان الأمان، ومرضيش يسيب بني إسرائيل يخرجوا من مصر مع موسى

فربنا بقى أرسل عليهم الطوفان...

فاض النيل إللي هو فرحان بيه ده وبيتجبّر بيه، وغَرّق الأرض كلها ،

آيات واضحة من ربنا بتقول :

إن محدش يقدر يمنع جريان الأنهار ولا يقدر يسمح بجريانها إلا الواحد القهار.. لكن مين يعقل الآيات

 

فبعت فرعون لموسى عليه السلام تااااني ووعده المرة دي مش هيخلف كلمته،

فلما ربنا رفع عنهم البلاء تاني رجع فرعون في وعده لموسى للمرة التانية بكل جبروت واستكبار

وفضل الوضع كده ..ربنا يرسل الآيات ورا بعض ،وفرعون يطلب من موسى عليه السلام الدعاء ويوعده ، ولما البلاء يترفع يخلِف فرعون وعده..

ربنا أرسل عليهم الجراد فأهلك المحاصيل الزراعية، وأرسل عليهم القُمَّل -يقال إنها حشرات الرأس ويقال إنها السوس-

وأرسل عليهم الضفادع

بقت كل البلد مليانة ضفادع.. في أكلهم .. في سرايرهم.. في هدومهم في كل مكان،

وابتلاهم بنقص الثمار ...

وأرسل عليهم الدم، كل السوائل اتحولت لدم، المصري العادي ييجي يشرب الماء يتحول في إيده لدم...

يأخذه الرجل من بني إسرائيل المؤمنين يتحول لماء،

"فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ"

آيات بينات متقبلش أي شك أهى ومع ذلك كانت أي حاجة تحصل في البلد يقولوا: موسى ...موسى...موسى وإللي معاه هم السبب...

 

ده على أساس إن الابتلاءات إللي انتم فيها دي مش بسبب أفعالكم وبسبب الظلم ومعصيتكم لله

"وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ "

 

ولما كان يترفع البلاء ولاّ يعملوا أي إنجاز يقولوا ده احنا إللي عملنا وده مجهودنا

"فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ "

فالبلاء كان واقع على فرعون وكل شعب مصر

 

طيب كل الشعب ليه ..والشعب ذنبه إيه

لأنهم وافقوا على إللي فرعون بيعمله في بني إسرائيل.. ومحاولوش إنهم يدافعوا عن المظلومين،

بالعكس ده وقفوا مع الحاكم في ظُلمه ضد المستضعفين من بني إسرائيل، وكانوا بيشجّعوه عادي...

يعني مش خلاص انت مش قادر تنصر واحد مستضعف وخايف على نفسك من القتل زيه فتسكت... لأ ده إنت فوّضته وعمّال تشجعه... واقتل وادبح واحنا معاك ...

طيب ما انت كده مشارك معاه...كون إنك راضي عن الظلم ده يبقى إنت واخد نفس وزر الظالم،

حتى لو مساعدتش الظالم.. كونك إنك تقول عن المظلوم "يستاهل" أو انت من جواك راضي بالظلم ده يبقى انت بقيت زيك زي الظالم بالضبط في الإثم والوزر

 

موسى عليه السلام لما شاف ظلم وبطش فرعون وشاف الكِبر والعناد وعدم اتباع الحق بعد كل المعجزات دي وكمان ربنا كان أوحى له إن خلاص محدش فيهم هيؤمن فراح دعا عليهم:

"وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ "

 

 يعني يارب إنت اديت فرعون وإللي معاه الأموال الكثيرة، وكتير من متاع الدنيا لعلّهم يشكروا النعمة ويؤمنوا بالله إللي أعطاهم النعم، لكن ده محصلش،

ومش بس كده ده أضلوا الناس وكفروا وتجبروا وقتلوا واستضعفوا خلقك المؤمنين،

فيارب امحي أموالهم واخفيها عنهم وامحقها تماما ومتخليهمش ينتفعوا بيها بأي طريقة،

 واختم على قلوبهم بحيث ما يآمنوش فعلا حتى يروا العذاب الشديد

فقال هارون عليه السلام: آمين، فاستجاب الله دعاءهما،

"قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ "

يعني كملوا دعوتكم لبني إسرائيل وماتستعجلوش الإجابة...عذابي واقع واقع لا محالة بفرعون.

وهنا حصلت آخر معجزة... اتحولت الأموال، كل الأموال بتاعتهم،  إلى حجارة ...كنوز كتير جدا كلها اتحولت لحجارة،

طيب آمنوا؟ رجعوا لفطرتهم السليمة وعقلهم اللي ربنا كرّمه؟ لا حياة لمن تنادي

 

في ليلة من الليالي، ربنا أمر موسى عليه السلام إنه ياخد بني إسرائيل ويطلع بيهم من مصر ،

وفعلا جمعوا نفسهم وبدأوا يطلعوا من مصر من غير ما حد يحس بيهم ومن غير ما فرعون يعرف،

وربنا أمر موسى عليه السلام  إنه يتجه ناحية البحر الأحمر إللي عند خليج السويس دلوقتي،

"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ.. واترك البحر رَهوًا"

في الوقت ده كان فرعون صحي وبدأ ينادي على الخدم من بني إسرائيل ملقاش حد!

يدوّر هنا يدور هنا.. مفيييش حد

بدأ الكل يدوّر عليهم مش لاقيين حد منهم في أي حتة،

أمر فرعون الجنود إنهم يخرجوا يتتبعوا أثر بني إسرائيل عشان يلحقهم قبل ما يفلتوا من إيده،

وراح مع جنوده بنفسه، وبدأ الليل ينتهي والشمس تطلع ، فشاف بنو إسرائيل فرعون وجنوده جايين وراهم ، فخافوا جدا..

البحر قدامهم وفرعون وجنوده من وراهم!

فقالوا لموسى عليه السلام : كده هيلحقونا وهيقتلونا

"فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ "

 

وكان إيمانهم مش بالقوة الكافية زي ما قلنا قبل كده.. كان إيمان ضعيف فيه وَهَن كده واضطراب، فكانوا خايفين من فرعون جدا،

فموسى عليه السلام طمّنهم بكل قوة ويقين:

"قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ"

متخافوش أنا معايا ربنا، مش هيضيعني،  وهيقول لي أعمل إيه في كل خطوة

 

شايفين رد فعل موسى عليه السلام هنا مختلف إزاي

أول مرة طلع يجري،

والمرة التانية خاف من جواه من غير ما  يجري ، لكن المرة دي ثَبَت واتكلم بكل يقين وثقة في الله إنه هينجيه؛

لأنه شاف إن كل مرة ربنا كان بينجيه، وكمان جرّب طعم التوكل على الله والتصديق بوعده،

فبقى عنده ثقة في الله عز وجل كبيرة جدا ويقين ثابت إن ربنا هو الحافظ وإن محدش هيقدر يؤذيه إلا إذا ربنا أَذِن بكده،

وكل ده بفضل تربية ربنا له طول السنين دي وتأييده بالمعجزات الواضحة العظيمة دي كلها

موسى عليه السلام مكنش لسه يعرف إزاي ربنا هينجيه، بس كان عارف إنه هينجيه ..

مش مهم سبب النجاة هيكون إيه، المهم إنه عارف إن النجاة من فرعون وجنوده هتكون من نصيبه هو والمؤمنين في النهاية بوعد الله..

هو مش ناسي قول ربنا له:

"إنني معكما أسمع وأرى" ..

مش ناسي لما ربنا قاله :

"لن يصلون إليكما"..

 

في اللحظة دي بقى ربنا أوحى لموسى عليه السلام إنه يضرب بعصاه البحر،

فضرب موسى بعصاه البحر فورا

 

مقلش يارب بحر إيه إللي هضربه بالعصايا دلوقتي وفرعون ورانا عشان يقتلنا

إحنا دعيناك إنك تنجينا، إيه دخل ضرب العصايا بالبحر

مقلش كده وحاشاه إنه يتكلم بنفس سوء أدب بني إسرائيل وسوء ظنهم بربنا،

مقعدش يجادل زي ما الناس دلوقتي عايزينا نقنعهم بكل حاجة

نكلم واحد في ثوابت العقيدة مثلا وبالدليل من القرآن والسنة، يقول لك وفيها إيه لما أعمل كذا وأقول كذا!...أنا مش شايف فيها حاجة

بطلوا تشدد مش هي دي إللي هتدخلنا النار يعني، مش هو ده إللي بيرضي ربنا

لكن موسى عليه السلام بقى جاله الأمر اضرب البحر بالعصا ضربه على طول من غير أي تفكير أو نقاش

فلما ضرب البحر اتقسم نصين ، كل نص بقى عامل زي الجبل العظيم ...جبل عظيم من المية واقف ما بيقعش، وفي النص طريق ناشف مافيهوش مية عشان يمشوا فيه

معجزة رهيبة ...وفرعون شايف المعجزة دي قصاد عينه ومعاه جنوده

"فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ"

مين بقى إللي يملك المياه يا فرعون بحق وحقيقي.. عرفت مين الإله إللي بجد

 

طيب ماكان ربنا يفلق له البحر على طول وخلاص، هو لازم يعني يضرب البحر بالعصا

قلنا  قبل كده إن كل حاجة ربنا بيقولها لنا في القرآن أو السنة ليها حكمة وكل حاجة ربنا بيأمر بيها ليها حكمة سواء عرفناها ولّا لأ

فضَرْب البحر بالعصا كإن ربنا بيقولنا إننا لازم ناخد بالأسباب مهما كانت بسيطة في نظرنا وشايفين إنها ملهاش لازمة فاحنا بنعمل إللي علينا وخلاص،

يعني هي إيه حتة عصاية مقارنةً بالبحر العظيم؟! ولا حاجة

فربنا بيقول لنا اعملوا إللي عليكم وانتم عندكم يقين جااازم إن ربنا هيفرّج الهم ويَقضي الحوائج، ولو بأتفه الأسباب من وجهة نظرنا

 

دخل بنو إسرائيل في الطريق بين جبلين المية عشان يعدوا الناحية التانية ويهربوا من فرعون وجنوده،

مين إللي دخل وراهم

فرعون وجنوده

"وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا"

ده إيه الفُجر والتكبُّر ده يا أخي

هو انت مش خايف؟!

هو انت متخيل إن ربنا إللي عمل ده كله هينسى يكمل الباقي مثلا وهسيبيك تعدي كده عااادي يعني

الطبيعي إنه يفكر ولو للحظة مع نفسه كده إن إله موسى قادر إنه يعمل المعجزة دي وكل المعجزات اللي فاتت، فأكيد لو دخلت هيبقى فخ وهضيع

لكن ده مفيش!!  الكبر بقى ..نقول إيه

 

بعد ما آخر واحد من بني إسرائيل عدّى بسلام؛ ربنا رجّع البحر تاني زي ما كان وفرعون وجنوده في النص

فلما فرعون عرف خلاص إنه ميت ميت ومفيش حاجة هتنجيه خلاص غير الإيمان قال:

أنا آمنت باللي آمنت بيه بنو إسرائيل

"حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ"

يا رااااجل

بتقول: بالذي آمنت به بنو إسرائيل

ده على أساس إن إللي آمنت بيه بنو إسرائيل ده حاجة مجهولة وهو ميعرفهوش مثلا

مش موسى عليه السلام أول ما جاء له قال له:

 ده رب العالمين..؟!

رب السماوات والأرض...؟!

والسحرة قالوا :آمنا برب العالمين..!؟

والماشطة قالت له: ربي وربك الله...؟!

وآسية زوجته قالت له آمنت برب العالمين

شوفوا إزاي للدرجة دي غرقان في الكبر حتى إنه لآخر نفس في عمره مش قادر يقول آمنت برب العالمين

له حق جبريل عليه السلام يحط الطين في فمه وهو بيموت عشان ميقولش كلمة التوحيد،

وإللي بالمناسبة مكنتش هتنفعه لو كان قالها ساعتها أساسا وهو خلاص بيموت

في الحديث أن رسول الله ﷺ قال:

 لما أغرق الله فرعون قال:

آمنت أنه لا إله إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل،

فقال جبريل:

" يا محمد فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأَدُسّه في فِيه، مخافةَ أن تدركه الرحمة"

 

وطبعا هنا ممكن ييجي سؤال،

 طيب وهو جبريل عليه السلام كده بيمنع رحمة ربنا إنها توصل لفرعون؟

هو ليه يحط الطين في فم فرعون

 

 جبريل عليه السلام عمل كده لإنه كان غضبان من مكر فرعون،

يعني لحد آخر لحظة بيحاول يُخادع في الإيمان، 

فجبريل عليه السلام تخيل إن ربنا عز وجل ممكن يعفو عن فرعون بمخادعته دي إللي هي قوله للشهادة بلسانه فقط مع إنه كافر بيها من قلبه أصلا

فبدأ جبريل عليه السلام يسد فم فرعون بطينة البحر عشان ميكملش كلام مُخادع ممكن يخلّي ربنا يعفو عنه بيه،

وطبعا ربنا يعلم إن فرعون مخادع وجبريل برده يعلم إن ربنا يعلم إن فرعون مخادع،

 لكن ده كان من شدة غيرة جبريل عليه السلام على جناب الله من كلام واحد زي فرعون إللي ادعى  لنفسه الألوهية بالربوبية، ومحدش قبله كان ادّعى لنفسه الكلام ده،

ورمي الطين في فمه عمره ما هيمنع رحمة ربنا لو كان ربنا أراد بفرعون رحمة وعفو،

 لكن زي ما قولنا إن إللي عمله كان من الغيرة الشديدة على جناب الله من أشد طواغيت الأرض،

وكمان جبريل عليه السلام كان عارف أد إيه ربنا رحمته واسعة ووسعت كل شيء،

فجبريل عليه السلام ظن ولو كان ظنه ده بنسبة بسيطة إن ممكن فعلا ربنا يرحمه..

 

وفعلا جاء الرد الإلهي على فرعون بنفي الرحمة عنه كما هو متوقع طبعا كنهاية طبيعية للجبار العنيد ده،

فربنا سبحانه قال له بعد ما نطق بالشهادة دي:

" آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ "

 يعني بقى انت جاي تقولها دلوقتي بعد كووول ده؟!

مانا إديتك فرصة واتنين وتلاتة وعشرة وعشرين وأمهلتك، وبعتلك الآية ورا الآية ..عملت إيه ؟

 كنت بتزود في كفرك وطغيانك وظلمك،

فأنا هنجيلك جسمك وأطلّعك جثة ميتة عشان الناس تشوف الإله إللي كانوا بيعبدوه

هسيب جسدك بدون ما يتحلل عبرة وعظة لكل حد ييجي من بعدك،

لأنه لو كان اختفى يا جماعة الناس كانت هتقول إله اختفى عادي

"فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً "

 

بدأ قوم موسى يمشوا معاه في الطريق لبيت المقدس،

بعد ما ربنا نجاهم على طول من فرعون عدّوا على ناس بيعبدوا أصنام، بيسجدوا ليها ويتمسحوا فيها عشان ياخدوا البركة،

فقالوا لموسى عليه السلام:

ياموسى! اجعل لنا إلها زي ماهم عندهم آلهة

"وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ "

 

 

اتكلمنا المرة إللي فاتت عن هلاك فرعون ونجاة بني إسرائيل ،

بعد هلاك فرعون وجنوده وأُمراؤه، لم يتبقَّ في مصر غير العامة والرّعايا، وطبعا نساء علِْية القوم،

فتزوجت نساء الأُمراء والكبراء برجال أقل منهن منزلة ومكانة،

فكانت السّطوة والكلمة العُليا للنساء واستمر الحال لحد النهاردة سبحان الله وده ظاهر في كتير من الأحداث في واقع البيوت المصرية

عرفتم السبب ليه كتير من النساء المصريات مختلفات عن غيرهم من باقي النساء من البلدان التانية

 

وشوفنا إزاي بعد كل المعجزات إللي حصلت أمام بني إسرائيل دي وشافوها بنفسهم وشافوا إزاي في النهاية ربنا نجاهم بشكل مذهل ومُعجز وأهلك فرعون وآل فرعون قصاد عينيهم؛

أول ما شافوا ناس بيعبدوا أصنام قالوا لموسى عليه السلام : احنا كمان عايزين إله نعبده قدامنا كده زي ما الناس دي عندهم إله

طبعا موسى عليه السلام اتصدم

 بعد كل ده جايين تقولوا عايزين إله!

أومال مين إللي نجاكم من فرعون؟!!

ومين إللي كان بينزل المعجزات دي كلها قدام عنيكم

يعني إيه إله أصلا من وجهة نظركم؟!

هو إيه معنى العبودية عندكم

انتم جهلة جهل شديد، لأ وكمان ده أشد أنواع الجهل والعياذ بالله فعلا

"قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ "

بني إسرائيل كانوا عايشين في مصر بقالهم حوالي ٤٠٠ سنة تحت استعباد الفراعنة لهم،

ومن كتر ما اتعودوا إنهم يشوفوا أهل مصر بيعبدوا الأصنام، وكمان فرعون كان مُدّعي الربوبية والألوهية، فطبيعي جدا إن موضوع الإله المادي إللي بيكون قدّامهم متجَسّد ده يبقى حاجة عادية بالنسبة لهم وشيء ميقدروش يستغنوا عنه عشان يؤمنوا بيه من وجهة نظرهم

 

موسى عليه السلام بقى قالهم إنتم بتعبدوا الله خالق السماوات والأرض إللي شفتوا معجزاته بسمعكم وأبصاركم..

والناس إللي بتعبد الأصنام دي ربنا هيِنسف إللي بيعبدوه ده، وأصلا عبادتهم دي للشيطان مش لله

"إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"

 

فسكتوا ومتكلموش لأن موسى عليه السلام كان شديد فكانوا بيخافوا من غضبه وبيعملوا له حساب

بعكس هارون عليه السلام كانوا بيحبوه وكان هَيِّن لَيِّن معاهم، فهمّ سكتوا لكن الموضوع لسه جواهم

دلوقتي بني إسرائيل خرجوا من مصر ..هيقعدوا فين؟ ولا هيمشّوا أمورهم إزاي

لازم مكان ولازم قانون ودستور يمشوا عليه لأنهم يُعتَبَروا دولة ناشئة،

فربنا أمر موسى عليه السلام إنه يتوجه مع بني إسرائيل للأرض المقدسة إللي هي كانت وطنهم من عهد يعقوب عليه السلام عند بيت المقدس،

وهم في الطريق عطشوا ..فربنا أوحى لموسى عليه السلام إنه يضرب الحجر بالعصا بتاعته ...

 فضرب موسى الحجر بالعصا فانفجر من الصخر اثنتا عشرة عيناً من الماء..

بعدد قبائل بني إسرائيل، كل قبيلة ليها عين يشربوا منها.

 

شايفين العصا ودورها سبحان الله

ربنا أمر موسى عليه السلام في الأول إنه يرميها مع إنها كانت عزيزة عليه... فلما سابها لله ربنا جعلها سبب لكل المعجزات بعد كده

قال النبي ﷺ :

"إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا للهِ إلاَّ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ"

 يعني من ترك شيئا لله عوضه وأبدله الله خيرا منه

 

ربنا أمر موسى عليه السلام إنه يروح جبل الطور عشان يعرف المنهج إللي هتقوم عليه الدولة والقوانين بتاعتهم، والحلال والحرام.. يعني زي إللي عندنا في القرآن كده،

"وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً"

فموسى عليه السلام ترك بني إسرائيل مع هارون عليه السلام خليفة له، يراعي أمور بني إسرائيل لحد ما يرجع من عند جبل الطور..

"وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ"

 وربنا كان أمر موسى عليه السلام  بالصيام .. وكان الوقت المحدد إللي هيقعده موسى بعيد عن بني إسرائيل وإللي هيتعبد فيه لربنا عند الطور ويتلقّى فيه الألواح ثلاثين ليلة، بعد الثلاثين يوم ما عدت موسى عليه السلام فطر بعد الصيام،

فربنا سأل موسى ليه أفطرت ؟

طبعا هو ربنا يعلم السبب عز وجل لكنه بيسأله عشان يعلمه

فقال موسى عليه السلام عشان رائحة الفم اتغيرت،

فربنا قاله: إنت متعرفش إن ريحة فم الصائم عندي أفضل من رائحة المسك؟

وأمره عز وجل إنه يصوم عشر أيام كمان، فتمت المدة كلها ٤٠ ليلة.. وده فضل واحد فقط من فضائل الصيام عند الله عز وجل

 

خلال الأربعين يوم دول كان ربنا بيتكلم مع موسى عليه السلام لكن من غير ما يراه رأي العين، فهو النبي الوحيد إللي ربنا كلمه وهو على الأرض،

بعكس رسول الله ﷺ إللي ربنا كلمه في رحلة المعراج في السماء،

عشان كده موسى عليه السلام اسمه كليمُ الله

فموسى عليه السلام من كتر ما اتكلم مع ربنا اشتاق إنه يراه  وأكيد انتم متخيلين إحساسه

فنادى ربنا وطلب منه إنه يراه، فربنا قال له:

مش هتقدر تشوفني دلوقتي لأني لم أعطِ البشر في الدنيا الطاقة والقدرة الجُسمانية والحسية الكافية إللي تتحمل رؤيتي ويقدروا يشوفوني بيها،

"وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي"

 

في الآخرة لما المؤمنين هيدخلوا الجنة هيكون لهم قوة وخصائص مختلفة هتخليهم يقدروا بيها يشوفوا ربنا عز وجل وده هيكون أعظم نعيم بالنسبة لهم هيكونوا أخدوه في الجنة

والكفرة وغيرهم من إللي ربنا أراد عقابهم هيكونوا محجوبين عن رؤيته والعياذ بالله..

" إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"

يعني مش ربنا هو المحجوب عنهم، لأ طبعا حاش لله، ربنا لا يحجبه الله شيء، لكن همّ إللي هيكونوا ممنوعين من رؤيته كعقوبة لهم،

وأي عقوبة أشد من الحرمان من رؤية خالقك إللي سواك بيديه ومتصف بصفات الكمال والجمال والجلال اللي مالهاش مثيل؟!

 

ربنا قال لموسى إنه مش هيقدر على رؤيته عز وجل في الدنيا،

وخلّاه يشوف مثال قصاده على كده، قال له الله: انظر للجبل.. أنا هتجلّي للجبل،

"وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي"

وشوف بنفسك إيه إللي هيحصل للجبل في ساعتها مباشرة،

فلما تجلّى ربنا عز وجل بجلاله وعظمته للجبل،

الجبل الشامخ العالي القوي جدا ده اندك في الأرض وبقى شوية تراب متبعتر قدامه في لحظة

يعني ربنا رفع الحجاب عن مِثل الخُنْصُر فالجبل مستحملش فانهد في لحظة،

يعني عارفين صابع اليد الصغير بتاعنا ده

أهو ربنا رفع الحجاب عنه بحجم الصابع الصغير كده،

لحظة من الجلال فوق الاحتمال لدرجة إن موسى عليه السلام لم يتحمل الصدمة وأُغمَي عليه،

"فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا"

 

لما موسى أفاق من الإغماء نادى ربنا وقال له: ياربي أنا اتعلمت خلاص، مش هطلب رؤيتك في الدنيا تاني، آمنت بيك وبجلالك وعظمتك وكبريائك، تباركت ربنا وتعاليت وعز ثناؤك وتقدست صفاتك وأسماؤك.

"فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ"

 

قام موسى، وأخد الألواح ولسه هيرجع لقومه، ربنا قال له على حاجة حصلت مع بني إسرائيل خلال فترة غيابه عنهم،

"قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ"

بني إسرائيل عبدوا العجل من دون الله

 

سبحان الله!

 إللي في دمهم في دمهم

يعني كلام موسى عليه السلام  معاهم مجبش نتيجة وكانوا مستنيينه يغيب عنهم عشان يعبدوا إله تاني

 

إيه إللي حصل مع بني إسرائيل وإيه حكاية العجل دي

لما ربنا أمر موسى عليه السلام إنه ياخد بني إسرائيل ويخرجوا من مصر  كان معاهم دهب مستلفينه من أهل مصر ،

فلما عبروا البحر وعدّوا بسلام، حسوا بحرج إن الدهب يفضل معاهم، فرموه..

كان في واحد اسمه السامري قِيل إنه كان من أهل مصر مش من بني إسرائيل وخرج مع بني إسرائيل لما خرجوا من مصر وقيل إنه من بني إسرائيل،

المهم هو أخذ الذهب ده وسيّحه ونَحت منه تمثال على شكل عجل أعزكم الله،

وكان شاف أثر فرس جبريل عليه السلام لما كان بيمشي على الأرض، وكان أثر فرسه مختلف ومميز وملفت للي يشوفه على الأرض،

فأخد قبضة من التراب إللي مشي عليه الفرس ده وخباها عنده..

بعد ما صنع العجل جاب التراب بتاع أثر فرس جبريل عليه السلام ورماه على العجل فبقى بيطلع صوت بقدرة ربنا،

وربنا جعل للعجل صوت لأنه أراد إنه يختبر بني إسرائيل إللي لسه في قلوبهم مرض و عايزين يعبدوا إله محسوس يشوفوه،

فجعل العجل له خُوار يعني له صوت عن طريق التراب إللي ألقاه السامري على العجل عشان يفتنهم ويطلع إللي في قلوبهم، لأن ربنا بيحاسب على الأفعال مش على إللي بيكون في النفوس

وربنا استعمل في الفتنة والبلاء ده السامري إللي كان أصلا إنسان نيته سيئة هو كمان، فهيبقى ابتلاء للكل

 

طبعا في أقوال تانية عن صناعة العجل وإزاي بقى له صوت، لكن القول إللي قلته ده هو أشهر الأقوال عند المفسرين وحتى أقربها للمنطق

 

في نفس الوقت ده كان بنو إسرائيل زهقوا ..

عمالين يقولوا فين موسى ..فين موسى..

عايزين نعبد ربنا ..هو فين ربنا

 راح السامري لبني إسرائيل وقال لهم إن العجل ده إله موسى،

وموسى ضاع أصلا ، عدى التلاتين يوم إللي هو كان قايل لكم عليهم ومجاش، راح يقابل ربه ونسي إن ربه موجود هنا

 

فبني إسرائيل بدأوا يقتنعوا بكلام السامري

المفروض بالعقل يعني يشوفوا إنه لا بيتحرك ولا بيرد عليهم ولا يملك أي ضر أو نفع، فإزاي يكون إله أو كائن حي أصلا

"وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي "

يعني حتى هارون عليه السلام كان معاهم وقال لهم ده مش إله،

 ده السامري فتنكم بيه بسبب شكله إللي من الدهب وصوته اللي بيطلع منه ده.. ربكم هو الله الواحد الأحد اسمعوا كلامي أنا وموسى مش السامري

فقالوا لهارون عليه السلام: احنا هنفضل نعبده لحد ما موسى يرجع

"قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ"

 

هارون عليه السلام خاف لو شدّ عليهم ونهاهم وعمل معاهم مشكلة إنهم يتفرقوا ويبعدوا عن المكان وييجي موسى عليه السلام يلاقيهم مش موجودين

في الوقت ده كان ربنا أخبر موسى عليه السلام بالحوار إللي حصل ده،

فأخد موسى عليه السلام الألواح إللي كتب فيها أوامر ربنا والمنهج إللي هيمشوا عليه وهي زي الأوراق كده إللي بنكتب فيها يعني

ورجع لقومه وهو غضبان غضب شديد جدا، أول ما وصل شاف المنظر والناس بتعبد العجل

فمن شدة غضبه لله وإن قومه استبدلوا عبوديتهم لله رب العالمين بعبودية عجل

قام رامى الألواح إللي كان فيها كلام ربنا

يعني زي ما الواحد ممكن يرمي المصحف من إيده كده لا سمح الله لو فجأة حس بزلزال أو البيت ولع ربنا يحفظنا

طبعا ليس الخبر كالمعاينة، يعني لما احكيلك عن حاجة غير لما تشوفها بعينك

فالْتَفت، فشاف هارون عليه السلام راح جارّه من راسه ومن لحيته بقوته إللي احنا عارفينها من أول قصته لما زق واحد وقتله،

"وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ"

متخيلين المنظر...متخيلين شدة الغضب إللي كان فيها موسى عليه السلام من غيرته على دين ربنا،

رمى الألواح إللي هي الوحي من الله وتعدى على نبي، وكل ده وهو مش حاسس بنفسه،

وسأل هارون عليه السلام بغضب: ياهارون إنت شفتهم ضلوا ..ليه سيبتهم يعبدوا العجل.. انت بتعصي كلامي

 "قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي"

 

موسى عليه السلام كان خايف ليكون هارون عليه السلام قصّر في نهيهم عن عبادة العجل فعشان كده ألقى عليه اللوم، لأن أهل العلم لما يشوفوا مخالفة لأوامر الله بيتهموا أنفسهم وأتباعهم وأهلهم بالتقصير قبل ما يلقوا اللوم على الناس،

وهارون كان أمنية موسى من ربنا لما طلب منه يرزقه بشخص يكون وزير له عشان يساعده في هداية بني إسرائيل، عشان كده رد فعل موسى عليه السلام معاه كان شديد

 

فهارون عليه السلام بدأ يدافع عن نفسه وقال له وهو بيهدّيه :

"قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي.. فلا تُشمِتْ بيِ الأعداءَ ولا تجعلني مع القوم الظالمين"

يعني يا ابن أمي أنا نصحتهم طبعا، لكنهم استضعفوني وكانوا هيقتلوني،

وخفت يفترقوا عن المكان إللي احنا متفقين عليه ده وتيجي تقول لي إنت فرّقت بني إسرائيل في الأرض وكان مفروض تستناني لحد ما أرجع

فبلاش تعمل كده فيّ قدامهم وتخليهم يتأكدوا أكتر إني كنت غلطان وإنك بتعاقبني، ومتحطنيش في كفة واحدة مع الظالمين

فلما شاف موسى عليه السلام إن هارون فعلا عمل إللي عليه ومقصّرش، دعا ربنا إنه يغفر له ويغفر لأخوه هارون ويتغمدهم برحمته،

"قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"

بني إسرائيل خايفين من موسى دلوقتي وهمّ شايفين غضبه وشافوا الأَخّين اتصافوا واجتمعوا من تاني عليهم سوا

فعرفوا إنهم في مشكلة..

سألهم طبعا بكل غضب: إيه إللي خلاكم تعبدوا العجل

"هو ده تنفيذ الوصية إللي وصتكم بيها قبل ما أمشي

وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ"

فقال له بنو إسرائيل:

هو إحنا مأخلفناش وصيتك بمزاجنا ده السامري هو إللي عمل العجل من الذهب إللي رميناه، وهو إللي أقنعنا بعبادة العجل

"قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ"

 

راح موسى سأل السامري: إنت إيه حكايتك

"قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ"

فحكى له قصة إنه شاف أثر جبريل وعمل العجل، وإن نفسه هي إللي سوّلت وزيّنت له إنه يعمل كده

فموسى بلّغه بوقوع عقاب إلهي شديد جدا عليه بسبب إللي عمله ده،

قال له موسى: اذهب... بسبب إللي انت عملته ده ربنا هيبتليك بمرض إن أي حد يلمسك تحس بألم شديد جدا

وهتفضل تصرخ بفزع لأي حد يقرب منك :

"ما تلمسنييييش... ما تلمسنييييش"

ومش هتستحمل تكون بين الناس وهتكون وحيد في حياتك لحد ماتموت،

"قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ"

 ده غير معادك مع عذابك في الآخرة إللي مش هتهرب منه في أي حتة إن الله لا يخلف الميعاد

والإله المزعوم بتاعك ده هنحرقه لحد ما يسيح ويتحول لرماد وننثره في البحر ومحدش يلاقيله أثر

"وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا "

 

لما عمل كده موسى عليه السلام، أي حد كان من عُبّاد العجل تعلق الرماد على شفايفه زي علامة كده،

ورجع يعيد عليهم تاني إن رب العالمين هو الله الواحد الأحد لا شريك له ولا يُعبد إله غيره،

وقال موسى عليه السلام لقومه : إلهكم الله وحده لا شريك له العالم بكل شيء.

"إِنَّمَا إِلَٰهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا "

 

قبل ما نكمل قصتنا، فيه معلومة لازم نعرفها، وهي إن السامري ده مش هو المسيح الدجال

السامري مات من عهد موسى عليه السلام، والمسيح الدجال له قصة تانية خالص وصفات تانية خالص،

وفي الحديث:

"إن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته من الدجال"

فلو كان السامري هو الدجال كان موسى عليه السلام عرفه وكان حذر الناس منه،

ومحدش قال قبل كده إن السامري هو المسيح الدجال غير واحد من العصر الحديث،

قال إنه موجود في مثلث برمودا ومجبش دليل على كلامه، والكلام ده –غير إن مفيش عليه دليل علمي أو شرعي أو غيره-

فهو غير صحيح لأن رسول الله ﷺ قال : "يخرج الدجال من أرض بالمشرق يقال لها خُرَاسَان"

 فالسامري مش هو المسيح الدجال

 

نرجع لبني إسرائيل بقى ونشوف عملوا إيه،

فلما عرف بنو إسرائيل خطأهم تابوا، ولكن الله لم يقبل توبتهم إلا بكفّارة "القتل"

 يعني كل واحد يقتل التاني

اختبار صعب فعلا!

 فأمر الله بني إسرائيل أن يتقاتلوا فيما بينهم ، ففعلا بدأوا يقتلوا بعض لحد ما وصل عدد إللي ماتوا في بعض الأقوال لسبعين ألف

وبكى النساء والأطفال وقالوا لموسى عليه السلام إنه يدعي ربنا يخفف عنهم، فدعا موسى الله فأمرهم إنهم يوقفوا القتل، وحزن موسى عليه السلام للمقتلة دي،

فربنا أوحى له: ليه الحزن..من قُتل فهو شهيد حي عندي يُرزق، ومَن تبقى كفّرت عنه ذنوبه، فاستبشر موسى عليه السلام وبشّر بني إسرائيل،

وده اللي القرآن حكى لنا عنه في سورة البقرة:

"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ."

 

بعد المقتلة دي اختار موسى عليه السلام سبعين رجل عشان يروحوا مع موسى عليه السلام عشان يعتذروا عن قومهم لما عبدوا العجل،

فأمرهم موسى عليه السلام بإنهم يصوموا ويتطهروا ويطهّروا هدومهم عشان يستعدوا للقاء المهيب ده،

فلما ذهبوا مع موسى عليه السلام عند جبل الطور وسمعوا كلام الله لموسى قالوا:

ماشي احنا مش هنعبد العجل لكن برده مش هنؤمن بإلهك لحد ما نشوفه بعنينا

"وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً "

 

بجد كده كتيييير

 ليه حق موسى عليه السلام يكون من أولي العزم

يعني الواحد كان مُشفق عليهم من المقتلة ومن وجوب إن يكون في كفّارة لقبول توبتهم بالشكل الصعب ده،

لكن كده الواحد فعلا عرف ليه ربنا عز وجل عمل معاهم كده،

بيأدبهم سبحانه،

وهو أعلم بأمراض قلوبهم وقسوتها فعلا زي ما حكى عنها إنها كالحجارة أو أشد قسوة

لأ والمفروض إن دول كمان أفضل ناس في بني إسرائيل، يعني من الصّفوة المُختارة بعناية من موسى

أمّال الباقيين عاملين إزاي

المهم بعد ما قالوا الكلمتين دول صُعقوا فماتوا

"فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ"

 

ياترى هيكون إيه رد فعل بني إسرائيل لما يعرفوا إن أحسن ناس فيهم ماتوا كلهم؟

 

 

وقفنا المرة إللي فاتت عند السبعين رجل إللي قالوا لموسى عليه السلام مش هنؤمن غير لما نشوف ربنا بعنينا،

فربنا عاقبهم بإنه أرسل عليهم صاعقة يعني نار شديدة من السماء أو رجْفة على خلاف في التفاسير،

لكن إللي يهمنا إنها أمر من  شدته صُعِقُوا وماتوا!

وبعدها ربنا أحياهم مرة تانية!

"فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُون ۩ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "

لإنهم لما ماتوا موسى عليه السلام خاف.. هيرجع يقول إيه لبني إسرائيل

يقول لهم خرجت بسبعين واحد منهم وكلهم ماتوا ورجعت من غيرهم؟!

مش هيصدقوه طبعا لإنهم بعقول وقلوب زي ما انتم شوفتوا كده

وهتحصل فتنة جامدة ساعتها.. فموسى عليه السلام دعا ربنا إنه يُحييهم تاني:

"قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ ۖ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا"

يعني كإن موسى عليه السلام بيقول:

يا رب انت لم تهلكنا قبل كده في يوم المجزرة إللي حصلت، مع إن الهلاك ساعتها كان قريب مننا جدا،

لكن انت برحمتك عصمتنا منه، أفتهلكنا الآن بما فعل السفهاء منا

حاشاك يارب إنك تعمل فينا كده، فيارب زي ما عصمتنا من الهلاك يوم المقتلة، اعصمنا اليوم ولا تُهلكنا بما فعل السفهاء منا

فربنا استجاب لموسى وأحياهم مرة تانية واحد ورا التاني ،  وبقوا شايفين بعض إزاي ربنا بيُحيي الموتى،

ودي آية ومعجزة جديدة تُضاف للآيات المُبهرة إللي شافوها وبتدل على إن محدش فعلا يستحق العبادة غير ربنا الخالق عز وجل

ورجعوا كلهم مع موسى عليه السلام لبني إسرائيل،

بدأ موسى عليه السلام في تعليم بني إسرائيل التوراة من الألواح، فأول حاجة قال لهم إنهم لازم يقبلوا كل اللي في التوراة وينفذوا إللي فيها،

"وَكَتَبْنَا لَهُۥ فِى ٱلْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَىْءٍۢ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَىْءٍۢ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍۢ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا"

 

فقالوا: احنا هنشوف إللي فيها الأول، فلو لقينا الأوامر والنواهي سهلة نعملها هنعملها

فموسى عليه السلام قال لهم: لأ طبعا، لازم تقبلوها كلها، ده دين

 

بني إسرائيل لما قعدوا يراجعوا موسى عليه السلام ده آه هناخده، وده لأ  مش هناخده..واحنا مش هنقدر و...و...

ربنا أمر الملائكة إنهم يرفعوا عليهم الجبل كأنه غمامة على رؤوسهم ...متخيلين الجبل العملاق اترفع لفوق وهمّ تحته

"وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"

 

فموسى عليه السلام قال لهم لو مقبلتوش أوامر ربنا كلها على بعضها بدون تفريق في الطاعة، الجبل ده هيقع عليكم..

فقبلوا على مَضَض طبعا وسجدوا وقعدوا يبصوا بنص وشهم على الجبل وهم ساجدين

زي اللي بيضرب بعينه كده في الخفاء

ودي كمان تُعتبر آية جديدة من الآيات إللي ربنا ورّاها لبني إسرائيل عشان يُظهر لهم ألوهيته سبحانه وإن هو المستحق للعبادة، بس ياريت بنو إسرائيل يعتبروا بالآيات

 

طيب.. دلوقتي بقى عندنا المنهج لكن فين البلد إللي هيقعدوا ويستقروا فيها

فاكرين لما قلنا إن يعقوب عليه السلام بنى المسجد الأقصى في القدس وإنه كان ثاني بيت لله في الأرض،

وكان يعقوب عليه السلام بيسكن في منطقة القدس وبعدين يوسف عليه السلام جابهم مصر في نهاية قصة يوسف

 

خلال الزمن ده القدس ومحيط المسجد الأقصى سكن فيهم ناس تانيين وأخدوا الأرض لنفسهم من سكانها الأصليين، وهي أصلا بتاعة نسل يعقوب عليه السلام،

فربنا أمر موسى عليه السلام إنه ياخد بني إسرائيل ويرجع تاني للقدس أو الأرض المقدسة ويخرّجوا الناس الموجودين هناك عشان يستعيدوا أرضهم ويعيشوا هناك،

"يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ"

 

فلما وصلوا قريب من القدس، أرسل موسى عليه السلام اثنا عشر رجلا من بني إسرائيل عشان يدخلوا القدس ويشوفوا الأحوال هناك إيه، زي فرقة استطلاع كده،

دخل الاثنا عشر رجلا المدينة وشافوا أحوالها والناس إللي فيها ورجعوا لموسى عليه السلام، وقالوا له :

الأرض إللي احنا روحناها بتطلع لبن وعسل.. يعني مليانة بالخيرات،

 لكن المدينة متحصنة جدا، والناس إللي ساكنين هناك أجسامهم ضخمة وعندهم قوة عظيمة

فبدأ كل واحد من الاثنا عشر رجل ينهى قومه عن القتال مع موسى عليه السلام ويخوّفهم،

ما عدا رجلين اثنين فقط، همّ بس إللي نصحوهم بإنهم يسمعوا كلام موسى عليه السلام ويقاتلوا معاه.

 

لكن بني إسرائيل رفضوا كلام الرجلين وعصوا كلام موسى وقعدوا يقولوا:

ده فيها قوم جبارين واحنا مش هندخلها غير لما القوم الجبارين دول يخرجوا منها

"قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ"

 

ربنا أوحى لموسى عليه السلام إنه يصمم عل  قومه إنهم يجاهدوا معاه عشان يستعيدوا أرضهم ويقيموا دولتهم،

لكن بني إسرائيل ولا همّ هنا

 

وخدوا بالكم إن القتال أو الجهاد هنا فرض على بني إسرائيل لأن ده جهاد دفع

واحنا عندنا نوعين من الجهاد:

جهاد الدّفع وجهاد الطلب،

جهاد الدفع هو إني أدافع عن أي حد يعتدي عليَّ أو على أرضي، وده واجب على الجميع،

أما جهاد الطلب فده بيكون إن الجيش يروح يفتح بلد تانية غير مسلمة عشان ينشر الإسلام،

وجهاد الدفع كان أوله في عهد موسى عليه السلام،

وأمة الإسلام جمعت بين جهاد الدفع وجهاد الطلب، ودي خاصية لأمة الإسلام لم تكن لأي أمة من الأمم السابقة

ممكن يكون في ملوك أفراد يقوموا بجهاد الطلب لنشر الدين زي سليمان عليه السلام كده زي ما هنشوف،

لكن أول أمة من بدايتها لحد نهايتها مأمورة بجهاد الطلب هي أمة الإسلام

 

فدلوقتي بنو إسرائيل مفروض عليهم جهاد الدفع، مطلوب منهم يستردوا أرضهم وحقهم وهمّ رافضين ينفذوا أوامر ربنا..

موسى عليه السلام حاول يقنعهم إنهم يقاتلوا، وهمّ أبدا مش راضيين

الرجلين الصالحين يقولوا لهم يا جماعة خدوا بالأسباب واتوكلوا على الله وأول ما هتدخلوا ربنا هينصركم ماهو سبحانه إللي بإيده كل حاجة، برده مفيش فايدة

وكرروا رفضهم التام لدخول الأرض المقدسة،

وقالوا لموسى وش كده: إحنا مش هندخلها أبدا مادام القوم الجبارين دول فيها، إحنا مش هنقدر نقاتلهم

وراحوا قايلين كلمة كارثية

قالوا:

يا موسى لو الموضوع مهم أوي كده بالنسبة لك روح إنت وربك قاتلوا الناس الجبارة دي وإحنا هنا مستنييكم

"قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ"

 

فلما موسى عليه السلام شاف عناد وفسق بني إسرائيل وتجرؤهم على جناب الله عز وجل، دعا ربنا:

"قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ"

يعني يارب أنا مليش سلطان عليهم ولا أقدر على حد غير على نفسي أنا وأخويا،

فاحكم بيني وبين بني إسرائيل الفاسقين بحكمك، بالعقوبة إللي انت ترى إنهم يستحقوها

 

فربنا قال:

" قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ"

يعني العقوبة هتكون إن الأرض المقدسة تبقى مُحَرَّمة عليهم، مش هيدخلوها حتى لو ندموا وحبوا يدخلوها،

وكمان هيقعدوا تايهين في الصحراء أربعين سنة حيارى لا يهتدون

والسبب في إن المدة أربعين سنة بالذات عشان يكون الجيل إللي قلبه قاسي زي الحجر ده اختفى،

و يكون جه من بعده جيل جديد محضرش الذل والخضوع والاستبداد إللي عاشه آباؤهم عند فرعون فيكون أقرب للفطرة السليمة إللي ترفض الذل والعبودية لغير الله

 

بدأ زمن التيه...وحصلت فيه أحداث كتير مهمة وآيات جديدة لعل منهم مَن يعتبر.. منها: إن ربنا نزل عليهم المّنَّ والسلوى..

عايشين في صحراء.. في الحر والشمس والتوهان مش عارفين طريق للخروج..

قالوا لموسى عليه السلام إنهم جعانين والدنيا حر وخلاص مش قادرين،

فدعا موسى ربنا فأرسل الله لهم السحاب يغطي عليهم من حر الشمس، وأنزل عليهم المنّ والسلوى..

والمنّ هو شيء يشبه الصّمغ في الملمس، وطعمه أحلى من العسل، بينزل من الأشجار يتم خلطه بالماء ويتشرب، والسلوى دة طائر زي طائر السمان كده،

فكان ربنا موفر لهم كل حاجة، يعني أكلين شاربين نايمين ومتظللين و مش تعبانين في أي حاجة، وكانوا قبل كده مُستعبدين ومقهورين ومكنوش بيتكلموا،

مش يشكروا النعمة والعافية بقى

لااااأ ...ده قالوا لموسى: يا موسى احنا مش بناكل غير صنف واحد بس واحنا مش مستحملين بصراحة

 

أيوة يعني عايزين إيه

 

اطلب من ربك إنه يطلع لنا من الأرض البصل والعدس والقمح

"وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا"

فكإن لسان حال موسى عليه السلام بيقول:

يعني بتقولوا ادعوا لنا ربك ..أنا فكرت انكم هتطلبوا مائدة من السماء مثلا أو حاجة كده عظيمة بما إنكم طالبين إني أشفع لكم عند ربنا في استجابة الدعاء

بقى عاوزين تسيبوا المن والسلوى الأطعمة الشهية النادرة بالنسبة لكم دي عشان تاكلوا بصل وعدس إللي كل الناس بتاكله عادي

"أَتَسْتَبْدِلُونَ الذي هُوَ أدنى بالذي هُوَ خَيْرٌ"

 

لو تلاحظوا كده معايا كل شوية بنو إسرائيل ينادوا موسى عليه السلام باسمه كده من غير ألقاب وتوقير،

 

مفيش يا رسول الله مثلا؟ أو يا نبي الله؟ أو يا سيدنا موسى؟

سوء أدب واضح مع موسى عليه السلام مع كل إللي عمله عشانهم،

وحتى مفيش في كلامهم أي اعتراف بالجميل إللي عمله معاهم وإنه جاء وأخرجهم من الاستعباد والظلم

لأ وكمان كل شوية "ربك" ربك"، ادع لنا ربك... اذهب أنت وربك..إيه ربك دي

سوء أدب كمان مع ربنا عز وجل،  وكأنهم كل شوية بيسجلوا مثلا إن احنا مش معترفين إنه ربنا احنا كمان ده ربك انت بس لحد ما نقرر

وشوية يؤمنوا وشوية يكفروا وينتكسوا، وحتى وهمّ مؤمنين بيكونوا مذبذبين ومتشككين،

وكل ده وربنا حليم عليهم وموسى عليه السلام صابر عليهم وعلى تأديبهم وتربيتهم على الإيمان والمكارم،

واستمر موسى عليه السلام في معاناته مع بني إسرائيل

 

كان في قوم موسى عليه السلام واحد اسمه قارون.. شخص مالوش أي مكانة ولا نسب ولا أي حاجة،

كل ما في الموضوع إن ربنا أغناه وعنده فلوس كتير...بكل بساطة عارفين اللئيم إللي بيغتني بعد فقر بيكون عامل إزاي؟

أهو ده كان قارون

وربنا أغناه مش أي غنى ...ده كانت مفاتيح الخزائن بتاعته ميشيلهاش إلا مجموعة من الرجال الأقوياء وبالعافية كمان

فتقدروا تقولوا إن أموال أغنياء العالم كلهم دلوقتي كانت تعتبر الفكة إللي كانت في جيب قارون ساعتها

فلكم أن تتخيلوا كان غني أد إيه

"إنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ"

 

فالناصحين كانوا بينصحوه بإنه ميفرحش وميتغرِّش في نفسه يعني عشان معاه الأموال دي كلها،

"إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ"

وإنه يخلّي همته إنه يستعمل الأموال دي في رضا ربنا ويكون همه الآخرة،

فمهما عشت يا قارون فكل ده هيفنى ومش هيكون عندك في رصيدك في الآخرة غير إللي إنت بذلته في حياتك لله وفي مرضاته

"وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا"

 

وزي ما ربنا أحسن إليك وأكرمك بإنه أعطاك الأموال دي كلها فأحسِن للناس المحتاجة ولا تُهِنهم؛ فربنا يعاقبك وياخد منك النعم إللي انت فيها دي

"وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"

رد عليهم قال لهم:

الأموال إللي عندي دي أنا إللي جمعتها بعلمي وشطارتي وربنا أعطاني الأموال دي عشان هو يعلم إني أستحق الأموال دي، ولو هو ما كانش بيحبني مكنش إداني الأموال دي كلها

"قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي"

 

هو مش فاهم إن ربنا بيعطي الدنيا لمن يحب ومن يكره، لكن الآخرة بس هي إللي ربنا بيعطيها لمن يحب من عباده المؤمنين..

وفي يوم من الأيام اتزين بأبهى زينة، وخرج على قومه في موكب عظيم وحواليه الخدم،

"فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ"

فشافه الناس إللي حب الدنيا متمكن في قلوبهم؛ فتمنوا إنهم يكون عندهم زي اللي عنده وقالوا:

يا ريت عندنا إللي عند قارون.. ده محظوظ حظ

"قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ"

 

فهنا أهل العلم العقلاء من بني إسرائيل قالوا لهم يا جماعة دي دنيا وكل ده هيفنى ..الثواب في الآخرة أعظم وأبقى..

"وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ"

وقارون بقى ماشي في زينته متكبر بالمنظر ده، ربنا خسف بيه الأرض

الأرض انشقت وبلعته هو وكنوزه وأمواله

"فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ "

فلما شاف الناس إللي اتمنوا إنهم يكون عندهم زيه، ندموا وشكروا ربنا إنهم مكنوش في مكانه..

"وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ"

وآدي كمان آية جديدة لبني إسرائيل على قدرة الله واستحقاقه للعبودية وعدم عصيانه، وكل شوية ربنا بيوريهم آيات ورا آيات لعلهم يهتدون أو يتقون

 

 

عرفنا المرة إللي فاتت إن بني إسرائيل دخلوا في التيه، وفي التيه ده حصلت أحداث كثيرة..كان منها قصة قارون إللي قلناها المرة إللي فاتت،

والنهاردة هنتكلم عن قصة البقرة

كان في بني إسرائيل رجل غني مكنش عنده أبناء، لكن كان له قريب، لو الرجل الغني ده مات كان القريب ده هيورثه، فمقدرش يصبر لحد ما الراجل يموت لوحده، فراح قاتله ورماه على الطريق،

الناس صحيوا الصبح لقوا واحد مقتول على الطريق

وجه قريبه القاتل ده وقعد يصوّت ويندب عليه قال يعني كإنه اتفاجيء،

وعلى رأي المثل: يقتل القتيل ويمشي في جنازته

فبدأ الناس كل واحد فيهم ينفي التهمة عن نفسه ويرمي بيها غيره وحصل نزاع في الأمر..

"وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ"

فالقاتل قال لموسى عليه السلام: مفيش حد هيقول لنا مين إللي قتله غيرك يا نبي الله

 

يعني مش بس قتل، ومش بس بيقتل القتيل ويمشي في جنازته ويمثل على الناس البراءة،

لأ، ده كمان بكل بجاحة رايح لموسى عليه السلام إللي بيجيله الوحي من ربنا عالم الغيب والشهادة يسأله مين إللي قتل قريبه

يعني بيحاول يُسبُك الحكاية أكتر على طريقة قال يعني هو بريء لدرجة إنه مصمم ياخد بكل الأسباب لكشف القاتل،

وده معناه إنهم فعلا عارفين إن موسى عليه السلام نبي لكنهم مستهزئين بيه وقلوبهم فيها شك في الإيمان دايما ومليانة ريبة ومرض

 

فبنو إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام: صح! مش انت نبي؟! ادعي ربك واسأله مين قتل قتيلنا

فدعا موسى عليه السلام ربنا عز وجل يكشف القاتل، فربنا أوحى له إنه يؤمر بني إسرائيل إنهم يذبحوا بقرة، فاستهزأوا بيه وبطلبه..

"وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً  قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا"

يعني بيقولوا له بقى إحنا بنقولك مين قتل القتيل؟ تقوم إنت تقول لنا اذبحوا بقرة

انت بتهزر

فموسى عليه السلام قال لهم:

"قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ"

يعني هو انتم جربتم عليّ قبل كده كذب على الله عزو وجل أو استهزاء بيكم أو بأي حد من الناس؟

أنا بقالي كم سنة عايش معاكم.. هل حصل مني أي حاجة من دي قبل كده

فقعدوا يجادلوه ويصعّبوا الموضوع أكتر:

طيب ما تقول مين قتل قتيلنا ؟

 فموسى عليه السلام مزودش معاهم في الكلام أكتر من إنه كرر عليهم الأمر الإلهي "اذبحوا بقرة"..

 

طيب هنا سؤال: اشمعنى بقرة  ليه مش خروف ولا شاة ولا أي حيوان تاني

السبب في كده لأنهم عبدوا العجل.. فربنا طول الوقت بيربيهم على ترك عبادة العجل وبيعلمهم إنهم ينزعوا تقديسه تماما من قلوبهم،

قلوبهم كان متشربة حب عبادة العجل بدرجة كبيرة جدا،

فلما مرة يحرقوا الإله المزعوم إللي عبدوه وقدسوه قبل كده وكان على شكل عجل ونثروا الرماد بتاعه في الهواء،

وبعدين مرة تانية يذبحوا بقرة إللي هي برده من نفس الفصيلة فالمفروض إنه يقع في قلوبهم:

إزاي إله ويُذبح ويهلك

ويقتنعوا بقى إن صفات الإله مختلفة عن إللي بيعبدوه ده

المفروض يعني، لكن هنقول إيه

 

المهم.. كملوا جدال وعناد مع موسى وأسئلة فارغة :

"قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ"

اسأل ربك البقرة دي عاملة إزاي

" قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ"

يعني ابحثوا عن بقرة متوسطة لا هي كبيرة ولا هي صغيرة، وانجزوا واعملوا إللي ربنا أمركم بيه بسرعة من غير تأجيل

 

فقالوا له تاني : طيب اسأله كده لونها إيه

"قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا"!

فقال لهم:

لونها أصفر.. بس مش أصفر عادي سهل تلاقوه،

لأ أصفر فاقع، ويكون شكله حلو مش أصفر يوجع العين ويبقى شكله وحش

"قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ"

 

بقت العملية أصعب! شدّدوا على أنفسهم فشُدِّدَ عليهم!

طيب هل سمعوا الكلام بقى وفهموا واعتبروا؟

إطلاقا

 

قالوا لموسى خلّي ربك يا موسى يوضح لنا صفاتها أكثر لإن البقر إللي بالصفات دي كتير برده ومش هنقدر نميز البقرة المطلوبة من بينهم

"قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ"

 

فقال لهم: دي بقرة مُدللة.. متدلعة يعني... لا بتروح حقل تحرث، ولا حتى بتسقي الزرع، ومش بس كده لأ ميكونش فيها أي عيب،

إللي هو شوفوا بقى هتلاقوها إزاي دي

"قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا "

 

وطبعا كل ده نتيجة التشدد زي ما قلنا

 ربنا كان ميسرها عليهم لكن همّ قعدوا يشددوا على نفسهم،

 

بنو إسرائيل بعد ما سمعوا الوصف الأخير قالوا بااااس انت كده جبت الوصف المطلوب زي ما احنا عاوزين

"قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ"

 

سوء أدب متواصل مع موسى عليه السلام ومع طريقة استقبالهم لأوامر ربنا

 

المهم بقى قعدوا يدوّروا على بقرة بالمواصفات دي مش لاقيين نهائي،

لحااااد ما لقوها عند امرأة عجوز عندها يتامى، فلما عرفت إن بني إسرائيل محتاجين البقرة بشدة، مرضيتش تبيعها إلا بوزنها ذهب

فرجعوا لموسى عليه السلام وقالوا له الخبر، فقال لهم فضلتوا تشددوا على نفسكم وربنا كان مخفف عنكم،

خلاص، قُضيَ الأمر، ادوها إللي تطلبه

ففعلا اشتروا البقرة بوزنها ذهب وذبحوا البقرة أخيرا، وأخدوا جزء من البقرة وضربوا بيه القتيل،

فقام القتيل من موته وقال عن اسم الشخض إللي قتله..إللي هو قريبه ، وبنو إسرائيل مندهشين إزاي الرجل طلع لئيم ومخادع بالشكل ده

ومذهولين من معجزة إحياء الموتى إللي شافوها قدام عنيهم وحصلت بمجرد ضرب القتيل بجزء من حيوان مذبوح  آيات ورا آيات لبني إسرائيل تدل على صدق ما جاء به موسى وضرورة طاعته.. لكن مين يفهم

وفي النهاية، أخدوا القاتل وقتلوه قَصاصا للقتيل.

 

المهم،

في يوم من الأيام كان موسى مجتمع مع بني إسرائيل بيكلمهم عن ربنا ويوعظهم،

لحد ما الناس قلوبها اتأثرت وعيطوا من شدة التأثر بكلامه عليه السلام،

زي ما بنسمع محاضرة ونتأثر بكلام الشيخ وساعات من شدة التأثر كده عينينا تدمع

فده كان الحال مع بني إسرائيل في اليوم ده،

فواحد من بني إسرائيل سأل موسى عليه السلام :

هل في أحد في الأرض من هو أعلم منك

فموسى عليه السلام على حسب علمه رد وقال: لأ مفيش.. فربنا عتب عليه إنه لم يُرجِع العلم لله في السؤال الغيبي ده إللي ميعرفش إجابته غير ربنا ويقول الله أعلم،

وقال له الله عز وجل إن فعلا في عبد صالح مؤمن هو أعلم منك

فموسى عليه السلام مع إنه نبي مرسل ومن أُولي العزم من الرسل ، إلا إنه قال لربنا إنه عايز يروح يقابل العبد ده وإللي عنده علم مش عنده عليه السلام؛عشان يتعمل منه ويزداد حكمة وبصيرة.

 

فربنا استجاب طلبه،  وقال له إن في مكان اسمه "مجمع البحرين" هتلاقي العبد الصالح ده موجود هناك عنده..

ولإن موسى عليه السلام ميعرفش المكان ده، فربنا أمره ياخد معاه سمكة ميتة مملحة عشان متعفنش وأمره إنه يحطها في جرابزي شنطة كده،

ولما يوصل للمكان المحدد هيلاقي السمكة دي رجعت فيها الروح تاني ونزلت المية، وساعتها لما يشوف العلامة دي يبقى هو ده مكان اللقاء.

أخذ موسى عليه السلام في الرحلة دي غلام من غلمانه اسمه يوشع بن نون، وفهّمه السبب في الرحلة دي:

"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا"

يعني همشي لحد ما ألاقي مجمع البحرين يا إما هفضل ماشي زمن طويل لحد ما ألاقي العبد الصالح،

وخرجوا في الرحلة دي، فضلوا ماشيين لحد ما وصلوا عند مجمع البحرين، وهو في وقتنا الحاضر نقطة التقاء خليج العقبة وخليج السويس بجنوب سيناء

لما وصلوا، موسى عليه السلام نام، في حين إن يوشع بن نون كان صاحي،

فشاف الجراب بيتحرك ولقى السمكة طلعت منه ونزلت في المية وفضلت واقفة ما بتتحركش!

"فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا"

سمكة ميتة مملحة فجأة تنط من الجِراب وتتحرك وتسبح في المية كده

يوشع كان ناوي يحكي لموسى أول ما يصحى، لكن لما صحي موسى عليه السلام، نسي يوشع إنه يقول له إللي حصل،  ومشيوا هم الإتنين وكملوا الطريق،

"فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا"

يعني فجأة موسى عليه السلام وهو ماشي مع فتاه، حس بالتعب والجوع، وهو مكانش حاسس بتعب طول الطريق إللي قبل النوم لكن حس بتعب فجأة،

 فقال لغلامه يوشع هات الغدا بتاعنا احنا تعبنا في السفر الأخير ده ومحتاجين نتقوّى على باقي الطريق،

هنا افتكر يوشع إللي حصل مع السمكة وحكى لموسى عليه السلام،

"قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا"

 يعني أنا افتكرت دلوقتي،

انت لما نمت عند الصخرة حصل كذا كذا ، والشيطان نساني أقولك إزاي السمكة دي فعلا صحيت رغم موتها ونطت في البحر بشكل عجيب!

فقال له موسى عليه السلام:

"قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا"

يعني هو ده المكان إللي احنا عايزينه إللي ربنا عز وجل قال لي إن دي علامته، ورجعوا تاني من نفس الطريق متتبعين آثار رجلهم لنفس النقطة

 

هنا نستفيد نقطة مهمة أوي ، وهي إن طول ما الإنسان بيعمل حاجة لله صح وبصدق ربنا بيهوّن عليه الصعوبات إللي ممكن يواجهها،

موسى عليه السلام خرج عشان يطلب العلم، فمكنش حاسس بتعب لإن ربنا مخفف عنه لإنه عنده هم أكبر من مجرد الأكل والشرب،

وهو هم طلب العلم وطلب الحكمة والبصيرة أينما كانت،

والعلم بيزود الإيمان واليقين،

فكل ما كان هم الإنسان عالي وصادق فيه كانت معية ربنا له أكبر وتيسيره لأموره أعظم،

لكن لما مشي في الطريق الخطأ وبِعِد عن المطلوب منه تِعِب،

يعني كإن ربنا بيديله له علامة عشان ينتبه

مش بتحصل معانا ساعات؟

 بنبقى ماشيين في طريق الإلتزام وطلب العلم وفجأة نلاقي الدنيا وقفت

ممكن يكون من الأسباب إن احنا ماشين في الطريق الغلط، ويكون ده من لطف ربنا

 

موسى عليه السلام لف ورجع للمكان إللي كانوا فيه لقوا واحد قاعد في الأرض، لما قام الرجل ده الأرض اهتزت، وتحوّل المكان إللي كان واقف فيه لأرض خضراء

فكان ده العبد الصالح إللي ربنا قال لموسى عليه،

"فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا"

 العبد ده كان اسمه: الخِضْر.. موسى عليه السلام سلم عليه.. فالخضر استغرب من السلام لأن مفيش حد في المنطقة دي بيقول السلام.

 فسأله: انت مين؟ :قال له موسى، فالخضر قال له : موسى بني إسرائيل

فموسى عليه السلام قال له : نعم، فالخضر استغرب ، موسى بني إسرائيل عايز مني إيه

فموسى عليه السلام قال له:

أنا عرفت من ربي إن عندك علم مش عندي، فأنا عايز أتعلم العلم إللي عندك ده، لكن أنا عايز العلم إللي ينفعني ويكون من أسباب الحكمة والرشد

"قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا "

فالخضر قال له إن ربنا أعطاك علم مش عندي وأعطاني علم مش عندك، والعلم إللي عندي انت مش هتصبر عليه ولا هتقدر تستحمله،

"قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ۩ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا"

فموسى عليه السلام قال له: إن شاء الله هكون صابر وهسمع كلامك،

"قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا"

 فلما الخضر شاف إصرار موسى عليه السلام وافق إنه يتّبعه لكن بشرط

قال له: لو هتتبعني متسألنيش عن أي حاجة نهائي إلا لو أنا إللي قلتلك شرحها وتفسيرها

"قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا"

فموسى عليه السلام وافق، وبدأت رحلة موسى عليه السلام والخضر.

كان الخضر عايز يعدي الناحية التانية من البحر، فكان فيه سفينة لمساكين بيشتغلوا عليها فلما شافوا الخضر وكانوا عارفينه، مرضيوش ياخدوا منه أي أجرة، وركّبوه هو وموسى عليه السلام في السفينة ببلاش.

 

ملحوظة:

المسكين هو إللي يملك شيء ولكن لسه محتاج تاني، عنده أموال مثلا لكن مش مكفياه،

أما الفقير فهو إللي معندهوش أي شيء إطلاقا.

 

لما ركبوا السفينة نزل الخِضر أسفل السفينة وأخد فأس وخرق لوح من السفينة!، وموسى عليه السلام شايف ومذهول ومستنكر!

"فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا"

فقال له: انت خرقت السفينة عشان تغرق الناس

يعني هو ده جزاؤهم عشان ركبونا معاهم بدون أجرة ...هو ده رد الجميل

"قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا"

 

ده موسى يا جماعة...ميقدرش يشوف الغلط ولا الظلم ويسكت

فغلبته عادته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفضه للسكوت عن الظلم ،وانتم أكيد فاكرين لما قتل المصري عشان ظن إنه ظالم للرجل إللي كان من بني إسرائيل،

وفاكرين لما سقى للمرأتين وهو ميعرفهمش...فإزاي طبعا هيسكت على رجل يعتبر في وجهة نظر موسى إنه عايز يغرق الناس ومش أي ناس كمان دول الناس إللي ساعدوهم

فالخِضر بص له وقال له:

مش قلت لك إنك مش هتقدر تستحمل الصبر على عدم تفسير الحكمة

"قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا "

فتذكر موسى عليه السلام الشرط إللي كان بينهم وقال له : معلش المرة دي نسيت، متآخذنيش.. فسامحه الخِضر..

"قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا"

 

نزلوا من السفينة وكملوا الطريق.. ومشيوا لحد ما وهمّ ماشيين شافوا أطفال بيلعبوا... ، فراح الخِضر واخد منهم واحد  وراح قتله، يُقال إنه ضرب راسه بالجدار فقتله، ويقال إنه ضرب راسه بحجر

موسى عليه السلام اتصدم ...قال له:

انت قتلت نفس بريئة بدون أي ذنب ولا حتى قصاص ؟!ده انت عملت منكر عظيم جدا

"فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا"

فهنا الخضر أكد عليه تاني وقال له: مش أنا قلتلك إنك مش هتقدر تصبر

 "قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا"؟

موسى عليه السلام هيقول إيه المرة دي

مش هيقدر يقول له عدِّيها دي كمان، حياؤه عالي ومروءته وأخلاقه أعظم من حبه الشديد لطلب العلم،

وفعلا الأخلاق أهم في الأولوية من العلم،

فموسى قال له عشان ينصفه من نفسه:

لو سألتك عن حاجة تانية خلاص متصاحبنيش وكل واحد هيروح لطريقه..

"قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا"

هل ياترى موسى عليه السلام التزم بوعده للخضر؟

ولاّ مقدرش يستحمل وخلَف الشرط مرة ثالثة؟

 

كنا واقفين المرة إللي فاتت عند موسى عليه السلام لما قابل الخِضر وشاف منه حاجات من وجهة نظر موسى عليه السلام كانت منكرة وعظيمة،

وبعد ما موسى عليه السلام اعترض على أفعال الخضر مرتين  قال موسى عليه السلام للخضر إنه مش هيسأله عن حاجة تاني،

كملوا بقى رحلتهم لحد ماوصلوا لقرية، وكانوا محتاجين ياكلوا، فطلبوا الضيافة من أهل القرية فمحدش منهم رضي إنه يضيّفهم،

ودي قاعدة في جميع الشرائع حتى الإسلام، إن أي حد يدخل المدينة غريب وعابر سبيل، واجب على أهل المدينة دي إنهم يضيفوا الزائر ده يوم وليلة.

فهمّ لما دخلوا المدينة وطلبوا الضيافة كانوا بيطلبوا حق من حقوقهم مش بيطلبوا صدقة يعني، وأصلا الأنبياء لا تأكل الصدقة،

فحتى من غير ما كانوا يطلبوا كان من المروءة إن أي حد من أهل المدينة لما يشوف حد سافر عابر سبيل داخل القرية هيعرضوا عليه الطعام والمبيت.. لكن دول محدش فيهم ضايفهم أو أعطاهم أي حاجة،

"فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا "

 

فموسى عليه السلام ومعاه الخضر سابوهم وراحوا يتمشوا في القرية،

وهم ماشيين شافوا جدار فاضل له حاجة بسيطة وهيقع خلاص،

فالخضر عَدَله عشان ميقعش، سواء بقى جاب مواد بناء ورمم بيها الجدار، أو إنه مَرّر عليه إيده فاتعدل بقدرة الله ومعجزة ، الله أعلم..

"فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ"

 

فموسى عليه السلام معجبوش إللي حصل وقال للخِضر: انت كده عملت معروف للناس إللي رفضوا يضيّفونا بأقل شيء، طيب على الأقل اطلب منهم أجر، أو حتى اطلب الضيافة مقابل إصلاح الجدار ده

"قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا"

 

 فهنا الخِضر رد على موسى وقال له:

خلاص كده... احنا هنفترق.. ومش هنكمل مع بعض الرحلة

لإنك للمرة التالتة مقدرتش تصبر زي ما قلتلك من الأول..

لكن قبل ما أسيبك هقولك تفسير الحاجات إللي أنا عملتها كلها

"قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا"

وبدأ الخضر يحكي لموسى عليه السلام أعاجيب الأقدار والحكمة...

قال الخضر لموسى:

"أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا"

 

يعني بيقوله فاكر السفينة إللي ركبنا فيها...دي كانت بتاعة ناس مساكين بيشتغلوا عليها ومعندهمش غيرها،

ففي طريق رحلتهم هيعدّوا على أرض بتاعة ملك ظالم،

والملك الظالم ده كل ما بيشوف سفينة كويسة مفيهاش عيوب بياخذها بالغصب من أصحابها،

فأنا عملت فيها عيب عشان لما جنود الملك يشوفوها يسيبوها للمساكين... لإن سفينة معيوبة بالنسبة لهم أحسن من لو مفيش سفينة خالص يسترزقوا منها

 

الخضر كمّل تفسيره للأحداث وقال:

""وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا "

فاكر يا موسى الطفل إللي أنا قتلته؟

الطفل ده لما كان هيكبر كان هيكون كافر ورجل طاغية، وأمه وأبوه أصلا من المؤمنين،

فكان هيتعبهم جامد لما يكبر ويكسر قلبهم أكتر من دلوقتي وكان ممكن يفتنهم عن الإيمان وتبقى الطامة الأكبر على الإطلاق،

فرحمة من ربنا بيهم إنه أمر بقتل ابنهم وهو صغير لسه، وربنا هيعوضهم بواحد أحسن منه في الدنيا

 

 

 

عدنا كمان سؤال تاني،

هل معنى كده إن أي أم وأب لهم طفل بيموت صغير أو يُقتل إنه كان هيبقى كافر في المستقبل

 

 آخر نقطة في رحلة موسى مع الخضر، وكانت عن الجدار إللي في المدينة قال:

 

"وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا "

يعني أما بقى الجدار إللي أنا رممته ده ، فكان في طفلين من الأيتام في المدينة الخبيثة دي، والجدار ده كان ملكهم وتحت منه كان فيه كنز بتاعهم،

فلو كان الجدار وقع، أهل القرية كانوا هياخدوا كنز الأيتام ده،

لكن ربنا أراد إنه يحفظ حق الأبناء دول لحد ما يكبروا ويطلعوا همّ الكنز بتاعهم بلطفه وتدبيره المعتاد عز وجل.. والمعروف ده كان إكرام ليهم من ربنا لإن أبوهم كان رجل صالح

"وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ "

 

ودي رسالة للناس إللي بتخاف على عيالها من المستقبل، وتضيع عمرها عشان تِأمّن مستقبلهم ولو بالحرام زي أخذ رشاوي أو شراء شقق وعربيات ليهم بأقساط ربوية مثلا، وناسيين إن الحفظ ده رزق من الله هو الحافظ سبحانه،

والرزق إللي عنده مينفعش نستَجلِبه بمعصية،

وكمان يعلمنا إننا مهما عملنا –حتى لو مكنش في معصية- فمش هنقدر نمنع قدر ربنا من إنه يحصل

يبقى احنا نصلح نفسنا ونتقي الله في أقوالنا وأفعالنا وناخد بالأسباب الحلال المباحة إللي مرتبطة بحفظهم وأمانهم، ويكون أخذنا للأسباب دي من باب طاعة الله إللي أمرنا بكده، ثم بعدها نخلي عندنا يقين إن مش الأسباب هي إللي هتحفظهم لكن ربنا هو إللي هيحفظهم حتى لو إحنا مش موجودين عشان نحميهم..

ربنا بيقول:" وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا"

خايفين على عيالنا من المستقبل ، يبقى نصلح نفسنا وعلاقتنا مع ربنا وناخد بالأسباب زي ما قلنا، وهو عز وجل مش هيضيعهم

ربنا أرسل رسول من أولي العزم من الرسل ومعاه رجل صالح   عشان يرمموا جدار لطفلين يتيمين عشان بس أبوهم كان صالح وفي رواية:

المقصود بالأب ده هو جدهم السابع كمان مش مجرد أبوهم! ...يعني لما نصلح نفسنا، مش بس ربنا هيحفظ لنا عيالنا، ده كمان هيحفظ لنا أحفادنا وأحفاد أحفادنا إلى ما شاء الله بحول الله وقوته.

 

ختم الخضر كلامه مع موسى بإن كووول إللي هو عمله ده كان بوحي وأمر من ربنا له، وإنه معملوش من تلقاء نفسه

"وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا "

 

وبكده خلصت الرحلة العجيبة مع الخضر، إللي لو كان موسى عليه السلام صبر شوية زيادة كان اتعلم منها أكتر وأكتر،

زي ما رسول الله ﷺ قال:

 "رحمةُ الله علينا وعلى موسى، لو صَبَر على صاحبه لرأى العجب، لكن أخذتْه مِن صاحبه ذمامةٌ"

يعني موسى عليه السلام خاف إنه يقع في الذم والحرج من الخِضر بسبب تكرار نسيانه فقال:

 "إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا"

 

انتهت رحلة موسى مع الخِضر، ورجع موسى عليه السلام لقومه وفضل معاهم تاني يعلمهم دينهم ويأدبهم..

شوية يجتمعوا ويتعظوا، وشوية يُعرضوا وينتكسوا، مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء..

واستمر الحال كده لحد قبل نهاية زمن التيه بست سنين، ساعتها هارون عليه السلام مات وهو عمره ١١٧ سنة..

وعاش موسى عليه السلام بعده ثلاث سنوات، ثم في يوم من الأيام ،دخل فجأة على موسى عليه السلام رجل، وقاله :

"أجِب ربك"

يعني سلمني روحك

فموسى عليه السلام اتخض ، وافتكره واحد جاي يقتله! فضربه موسى عليه السلام ففقع له عينه

من حقه طبعا يدافع عن نفسه لإن ده واحد داخل عليه البيت فجأة بدون إذن وبيقول له سلمني روحك

فكان الرجل ده هو ملك الموت وكان ربنا أرسله عشان يقبض روح موسى عليه السلام وكان جايله في صورة رجل بشري مش في صورة الملك المعروفة عشان كده فقع عينه،

 وكمان موسى عليه السلام مكنش لسه خُيّر، لأن الأنبياء لا تُقبض أرواحهم إلا لما ربنا يخيرهم هل عايزين يعيشوا في الدنيا ولا يموتوا ويدخلوا الجنة، فموسى عليه السلام متوقعش أبدا إن الرجل ده هو ملك الموت،

فملك الموت رجع لربنا وقاله :

بعثتني لرجل لا يريد الموت!

هو بيقول كده لإنه فاكر إن موسى عليه السلام عارف إنه ملك الموت فضربه عشان رافض الموت،

فربنا رد عليه عينه في الهيئة البشرية وقاله ارجع تاني لموسى وقوله:

حط إيدك على ظهر ثور وكل شعرة هتمسّها إيدك ليك بكل واحدة منها عُمر سنة،

فرجع ملك الموت في نفس الهيئة لموسى عليه السلام ، فلما موسى شاف إن عينه رجعت زي ماكانت عرف إن ده مش شخص عادي، فبلغه ملك الموت رسالة ربنا،

فقال موسى عليه السلام:

طيب وبعدين...يعني بعد ما أعيش السنين دي كلها إيه النهاية؟

فقال له : الموت...فقال موسى عليه السلام : فالآن.

يعني خلاص أختار ان تُقبَض روحي دلوقتي،

ودعا ربنا إنه يقربه من الأرض المقدسة مقدار رمية حجر،

 فمات موسى عليه السلام واندفن بالقرب من الأرض المقدسة إللي رفض بني إسرائيل يدخلوها فقبره خارج فلسطين وليس داخلها زي ما بيتقال.

 

إيه إللي حصل لبني إسرائيل بعد موت موسى عليه السلام ؟

ومين هو النبي إللي استلم النبوة بعد موسى عليه السلام؟ 

reaction:

تعليقات