القائمة الرئيسية

الصفحات

أفضل سرد لقصة سيدنا يوسف( عليه السلام ) بشكل جذاب

 

 

أفضل سرد لقصة سيدنا يوسف( عليه السلام ) بشكل جذاب   

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، زوار الموقع الكرام اليوم موعدكم مع أفضل سرد لقصة سيدنا يوسف( عليه السلام ) بشرح مبسط وشيق من إعداد الأستاذة جميلة الصعيدي جزاها الله خيرا



أفضل سرد لقصة سيدنا يوسف( عليه السلام ) بشكل جذاب




 

يعقوب عليه السلام اتولد له ١٢ ولد،

في يوم من الأيام جه ليعقوب عليه السلام ابنه الصغير يوسف بيحكيله عن حاجة حصلت معاه،

وهي إنه شاف رؤيا....شاف الشمس والقمر و١١ كوكب بيسجدوا له

قال له يعقوب عليه السلام يابني خلّي الموضوع في سرّك ومتحكيش لإخواتك أي حاجة

"قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ "

 

إيه ده ليه

يوسف عليه السلام الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم،

ربنا وهبه نصف جمال البشر،

يعني ربنا لما خلق جمال البشر قسمه نصفين، قسم اتوزع على البشر من ذرية آدم حتى نهاية الدنيا والنص التاني ربنا أعطاه ليوسف

فمهما شوفنا حد شكله جميل فهو ميجيش ذرة في جمال يوسف عليه السلام

فلما يكون طفل بالجمال ده طبيعي إن الناس تنجذب ليه ويهتموا بيه وخصوصا أبوه وأمه،

ويا سلام لو جمع مع الجمال الخارجي ده جمال داخلي من حُسن خلق وصفاء قلب، ويا سلام لو زوّد لده كله بشارة بالنبوة

متخيلين الحسد إللي ممكن يتعرض له من إللي حواليه

 

ده بعض النساء بيبقى ربنا رازقها بشوية جمال ولّا شوية طاعات وتبقى حاسة إنها محسودة من إللي حواليها، فما بالنا بواحد زي يوسف عليه السلام

 

وطبعا هنا حد ممكن يسأل:

هل معنى كده إن سيدنا يوسف عليه السلام أحلى من النبي محمد ﷺ

بصفة عامة رسول الله ﷺ هو أفضل البشر على الإطلاق وكان من أجمل الناس وأحسنهم،

أما من ناحية المقارنة بين رسول الله ﷺ وبين يوسف عليه السلام من ناحية الشكل مين الأجمل فيهم فالعلماء اختلفوا:

فريق قال:

 إن يوسف عليه السلام ربنا فضّله بالجمال على كل البشر حتى رسول الله ﷺ وأعطاه نصف جمال البشر،

لحديث رسول الله ﷺ لما كان في رحلة المعراج:

" فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا هُوَ قَد اُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ"

 

فريق ثاني من العلماء قال:

إن يوسف عليه السلام كان أجمل من كل البشر ما عدا رسول الله ﷺ، واستدلوا بنفس الحديث إللي قلناه وقالوا  إن المُتكلم إللي هو رسول الله ﷺ  لا يدخل في عمومِ خطابه، يعني رسول الله ﷺ ميدخلش في الكلام،

وإن رسول الله ﷺ أُعطي كل الجمال ويوسف أُعطي نصفه

ومش معنى يا جماعة إن رسول الله ﷺ يكون أقل جمالا من يوسف عليه السلام إن ده نقص في حقه ﷺ، بالعكس ده لعل كده أكمل في حقه ﷺ

ليه

لأن الأكمل في الرجال إنه ميكنش شديد الجمال بالطريقة دي، ولأن رسول الله ﷺ هو أكمل البشر فكان من الطبيعي إنه يكون جماله أقل من يوسف عليه السلام،

يعني تخيلوا إن يوسف عليه السلام الناس كانت بتنبهر بجماله وهو أُوتي نصف الجمال،

فتخيلوا لو رسول الله ﷺ كان له الجمال كله أو أكثر جمالا من يوسف عليه السلام

كانت الناس هتنشغل بجماله ﷺ عن الرسالة إللي هو جاي بيها، لأن طبيعة البشر إنهم بينجذبوا للشيء الجميل، فممكن الواحد يرضى بكلام هو مش مقتنع بيه عشان إللي قاله شكله حلو،

أو يتغاضى عن أخطاء إللي قصاده بسبب جماله وشكله

ولعل ده كمان من حكمة ربنا إنه جعل كل الأنبياء شكلهم حلو وصوتهم حلو،

عشان لما يدعوا قومهم يتقبلوا كلامهم، بعكس لو حد شكله قبيح أو شكله عادي محدش هينجذب له

ده غير إن جماله الزائد ﷺ هيتسبب في فتنة شديدة بين الناس، وخصوصا إن رسول الله ﷺ مكنش قاعد في مكان واحد زي يوسف عليه السلام، ده بيروح هنا وهنا وبيقابل ده وبيقابل، حتى النساء كانوا بيسألوه عن أمور الدين،

واحنا هنشوف لما نساء عِلية القوم شافوا يوسف إزاي قطعوا أيديهن ومكنوش حاسين بالألم

لكن ده محصلش مع رسول الله ﷺ في أي موقف من مواقف

حياته

 

المهم،

يعقوب عليه السلام  قال ليوسف متحكيش لإخواتك على الرؤيا دي عشان محدش فيهم يؤذيك، إنت عارف الشيطان وعمايله

"فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ."

وزي ما انت شفت كده من الرؤيا دي يا يوسف، ربنا هيختارك ويعلمك تعبير الرؤى وتفسيرها –وده علم عظيم جدا ومدهش- وهيتم نعمته عليك بإنك هتكون نبي في المستقبل زي آبائك إبراهيم وإسحاق،

"وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ."

في الوقت ده إخوة يوسف مجتمعين مع بعض وبيتحاوروا،

يا جماعة إنتم شايفين أبونا بيحب يوسف وأخوه أكتر مننا إزاي مع إننا جماعة واحنا الأكتر والأنفع له بعددنا ويوسف لوحده

أبونا غلطان جدا في إللي بيعمله ده

" إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "

 

السؤال بقى، هل يعقوب عليه السلام كان بيحب يوسف أكتر من إخواته زي ما هم قالوا ؟!

شوفوا،

هو أه يوسف عليه السلام يتحب وكان ظاهر عليه علامات النباهة والذكاء وإنه هيكون له شأن وكمان شكله الجميل، والطبيعي إن الإنسان يحب كل حاجة شكلها جميل،

لكن مش معنى كده إن يعقوب عليه السلام كان بيحب يوسف اكثر منهم

مفيش أي دليل على كده، وحتى يعني لو هو فعلا كان بيحب يوسف أكثر، فمش معنى كده إنه كان بيفرق بينهم في المعاملة

يعقوب عليه السلام نبي ومُربّي فهو عارف كويس إنه لازم يعدل بين أبناؤه، وخدوا بالكم إن في فرق بين العدل والمساواة،

العدل إني أعطي لكل واحد من عيالي إللي هو محتاج له من الحب والاهتمام على حسب سنه، لكن المساواة إني أعطيهم كلهم زي بعض بالضبط من غير ما أراعي فرق السن أو الاحتياجات، وكده هيبقى ظلم

 

لكن أبناؤه الكبار هم إللي ترجموا تصرفات يعقوب عليه السلام الصحيحة تجاه يوسف وبنيامين غلط، وبدأوا يحاسبوه على ظنهم هم،

ومكلفوش نفسهم حتى يرُوحوا يسألوه ويتأكدوا من ظنهم وعلى طول اتهموه إنه في ضلال مبين، وده طبعا سوء أدب مع أبوهم، وكمان مش أي أب ده نبي من الأنبياء

 

وطبعا بعد ما فهمنا نفسية إخوة يوسف خلونا نشوف الحل إللي وصلوا له عشان يعالجوا المشكلة دي

قالوا:

اقتلوا يوسف ونخلص من القصة دي كلها وساعتها مش هيكون قصاد أبونا حل غير إنه يحبنا إحنا بداله

وبعدها هنتوب إن شاء الله وخلاص والتوبة بتمسح إللي قبلها

" اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ"

 

طيب ويوسف ذنبه إيه هنا اصلا

 أبوه هو إللي بيحبه، يعني لو في خطأ فهيكون الخطأ من أبوه..

يعني العدل ساعتها إن الأب هو إللي يُقتل مش يوسف

لكن بسبب الحسد ورغبتهم في الاستئثار بوجه أبيهم تماما لأنفسهم، تفكيرهم كان في قتل يوسف

ثم مين إللي إداهم الضمان إن ربنا هيقبل توبتهم ولا فين الضمان إنهم هيعيشوا لحد ما يتوبوا أصلا

مش يمكن ربنا يختم لهم على معصية القتل دي ويبقى خسروا الدنيا والآخرة،

ثم إيه الحل الدموي ده

مجاش في بالهم مثلا إنهم يقعدوا يتكلموا مع أبوهم ويطلبوا منه إنه ياخد باله منهم ويهتم بيهم هم كمان وإنهم بيغيروا منه

لكن الغيرة فرضت نفسها والشيطان مصدق وزودها في قلوبهم لحد ما وصلها للحسد،

وبطبيعة البشر، الكبير بيغير من الصغير لأن الأبوين بيدوله إهتمام أكبر من الكبير، وده بسبب طبيعة سنه الصغير وضعفه واحتياجه وقلة خبرته زي ما قلنا،

ولو تفتكروا: قابيل قتل هابيل بسبب الغيرة إللي اتحولت للحسد

الغيرة أمر طبيعي ربنا فطره جوانا عشان نسعى للتنافس الشريف في الخير والطاعات يعني نغِير من بعض في التنافس بشكل عام على الآخرة،

لكن تحوُّلها للحسد بسبب غيرتنا من بعض على الدنيا هو إللي مذموم ومش طبيعي،

لو اتحكمنا فيها وقاومناها يبقى احنا لحقنا نفسنا،

لكن لو سيبناها في قلوبنا تزيد هتتحول لحسد وتخلي الإنسان يقع في المحرم، عشان كده الحسد بياكل الحسنات زي ما النار بتاكل الحطب

 

المهم..

واحد من إخوة يوسف قال يا جماعة بلاش تقتلوا يوسف مهما كان ده أخوكم،

انتم مش عايزينه يكون موجود فقط، صح؟

خلاص ارموه في بئر من الآبار، والناس وهي معدية تاخد مية من البئر هتلاقيه وتاخده معاها وتبقوا خلصتوا منه من غير قتل ولا حاجة،

" قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ"

 

فاتفقوا فعلا إنهم يرموه في البئر بدل ما يقتلوه،

وراحوا لأبوهم وقالو له إنهم عايزين ياخدوا يوسف معاهم وهم خارجين عشان يلعب ويستمتع

فأبوهم قالهم أنا بحزن لما يوسف بيبعد عني

وقالهم إنه خايف أحسن الذئب ياكله وهم مش واخدين بالهم،

" قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ"

 

وممكن الكلمة دي تكون زوّدت الغيرة في قلوبهم كمان

يعني عادي بالنسبة لك إننا منكنش موجودين لكن يوسف لأ مش عادي يغيب عن عينك

مع إنهم لو فكروا شوية هيلاقوا إن حزنه بيكون بسبب قلقه عليه طول غيابه بسبب ضعفه زي ما قلنا، ولعل بسبب علمه إنهم بيعاملوه بقسوة أحيانا بسبب الغيرة، بدليل إنهم قالوا: مالك لا تأمننا على يوسف؟

يعني واضح إنه من زمان واخد القرار ده،لأنه عارف إن وجوده معاهم مش أمان، وهمّ عارفين ده بوضوح

 

فردوا عليه وقالوا إزاي الذئب ياكله واحنا مجموعة كبيرة كده، ده لو حصل يبقى احنا عاجزين وفشلة ما لناش لازمة

" قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ"

في النهاية.. يعقوب عليه السلام وافق إن يوسف يروح مع إخواته....

 

يا ترى هل إخوة يوسف هيرموه في البئر ولا هيشفقوا على أخوهم الصغير ويغيروا رأيهم؟

 

********************

 

وقفنا المرة إللي فاتت عند إخوة يوسف عليه السلام لما أقنعوا أبوهم يعقوب أنهم يأخذوا يوسف معاهم وهم خارجين في نزهة،

تاني يوم فعلا إخوة يوسف عليه السلام أخدوه لمكان البئر

ومسكوه عشان يرموه

فقال لهم: أنا أخوكم إزاي هتعملوا فيَّ كده!

قالوا له: إنت ملكش ذنب، الذنب ذنب أبوك

وقلّعوه القميص ورموا أخوهم يوسف فعلا في البئر!

"فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ "

الموقف صعب...

شباب بالغين يرموا طفل صغير عمره حوالي عشر سنين في بئر وكمان أخوهم!!

تخيل ابنك ولا أخوك ولا أي طفل بتحبه في الموقف ده

والطفل ده كانت مشاعره إيه في موقف زي كده؟؟، طيب فين عقلهم ؟؟!!..

فين خوفهم من ربنا ...؟؟! ما هم مؤمنين بالله خدوا بالكم مش كفار

وأبناء نبي...يعني تربيتهم مش زي أي تربية

 

لكن سبحان الله هم في النهاية بشر خطاؤون.. بيغويهم الشيطان وبتغويهم أنفسهم وشهواتهم زي أي بشر،

الغيرة والحسد عموا قلوبهم والشيطان مش سايبهم

في اللحظة دي ربنا أوحى ليوسف عشان يهوِّن عليه خوفه وألمه إنه في يوم من الأيام انت هتحكي لاخواتك الموقف ده وهم مش عارفينك،

"وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ"

وده من لطف ربنا بالعباد...بيبتليهم لكن في نفس الوقت يبعتلهم رسايل تطمنهم وتهدي من حرقة قلبهم،

وإن كان المُوَفَّق هو إللي ربنا يخليه يشوف اللُّطف ده، فالمُوَفق أكثر هو إللي ربنا يخليه يشكره على لطفه وسط محنته، وما يبقاش عبد كفور وساخط بسبب الألم ومش شايف اللّطف والرحمة والعافية في باقي الأمر

 

بعد كده إخوة يوسف عليه السلام أخدوا قميصه وغرّقوه دم خروف كانوا دبحوه،

ورجعوا بالليل لأبوهم ودخلوا عليه يقولوا له وهمّ بيعيطوا قال يعني بقى قلبهم حزين وكده

احنا رحنا نتسابق وسيبنا يوسف ياخد باله من الحاجات بتاعتنا فالذئب هجم عليه وأكله

وطبعا انت مش هتصدقنا...انت دايما بتتهمنا بالكذب

 

فكإنهم بيحرجوا أبوهم عشان يصدقهم يعني

 

"وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ *قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ"

 

طيب اشمعنى قالوا الذئب ومقالوش حاجة تانية

لإن يعقوب عليه السلام كان خايف من الذئب أصلا فكإنه إدالهم حجة مقنعة ،

يعني إللي انت كنت خايف منه حصل، ما بنقولش كلام مستحيل يتصدق يعني

فقالوا له لو عايز دليل؟ شوف الدليل أهو

مش ده قميص يوسف؟

قالهم: أيوة قميص يوسف!

قالوا: شوف القميص مليان دم أهو إزاي

"وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ "

قال لهم انتم كذابين ...انتم عملتم حاجة في يوسف...هو يعني الذئب أكل يوسف وغَرَّق قميصه دم من غير ما القميص يتقطع نهائي كده

 

ودي من ضمن نعم ربنا علينا في الدنيا الحمد لله

إن مفيش جريمة كاملة

كل مجرم لازم يسيب وراه حاجة تفضح جريمته، ولو بعد حين مهما طال الزمن وسواء حد اكتشفها أو لأ

 

المهم،

يعقوب عليه السلام واجههم بكذبهم وبالدليل عليه .. وقال لهم أنا هصبر على البلاء ده وهستعين بالله يُصبّر قلبي على الألم إللي أنا حاسس بيه وعلى الخذلان والإيذاء إللي شوفته منكم

"قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ"

 

تخيل أحب الناس إليك: ابنك ..زوجك.. أمك... أبوك..

فجأة اختفى ومش عارف عنه حاجة...!

قلبك هيكون عامل إزاي ومفيش في إيدك حاجة تعملها فعلا إلا الدعاء والصبر؟

لكن يكفيك ساعتها إن الله يعلم، ويلطف ويرحم ويستجيب.. وقريب من الصابرين والمؤمنين...

يكفيك إنك تعرف إنه بحكمته وعلمه الواسع هيدبر أمره وأمرك وهيرضيك، طالما انت راضي وحامد وصابر،

هو إللي قدّر كده وأَذِن إن ده يحصل بقدرته وحكمته وعلمه...يعلم كل شيء سبحانه...

هو فيه حاجة بتحصل في الكون إلا بقدره وعلمه وحكمته،؟!

يبقى لما ينزل بيك أي بلاء تعمل إييييه؟

تروح لربنا إللي قدَّره عليك،

وتدعوه وتتقرب له بكل يقين وإخلاص وبدون ملل أو كلل أو يأس وهو عز وجل يرفعه عنك حتى لو كنت صاحب معاصي ...

حتى لو كنت بعيد عنه عز وجل كل البعد

مانت مالكش غيره.. وهو ابتلاك أصلا عشان تنتبه وتفوق وترجع ...

عشان تصلح...

عشان يفكرك إنه عز وجل موجود وبيغفر الذنب

وانك حتى لو مَلِيت الأرض كلها خطايا ، بس رجعت له في الآخر واستغفرت هيغفر لك،

ربنا مش يبتلي عشان يعذب...

 "ما يفعلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ "

"ما يريدمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "

ابتلاءك مهما طال فهو إما تكفير سيئات أو رفع درجات أو اختبار،

وكلهم تزكية ليك في كل الحالات، وتقوية لإيمانك واعتصامك بالله، بالذات لو نجحت في الاختبار وصبرت على الضراء وشكرت في السراء،

ومعروف إن يوم القيامة  أصحاب الإبتلاءات ربنا بيَصُب عليهم الأجر صبا،

ثم إزاي بقى هتحقق الصبر في حاجة عكس إللي انت بتحبها ومتعلق بيها

يعقوب عليه السلام كان حابب يوسف وحابب قُرْبه منه وكاره فراقه بشكل عظيم جدا،

فربنا ابتلاه واختبر صبره بعكس إللي هو عايزه،

وهو إن يوسف بقى بعيد عنه ويعقوب مايعرفش عنه حاجة إلا ما كان من وحي أو إلهام من الله،

لكن بشكل عام: غايب عن عينه وقلبه ملهوف عليه وقلقان وحزين بدرجة شديدة،

فهنا الصبر أجره أعظم لإن الصبر عن إللي انت بتحبه أشد من الصبر عن إللي انت مش بتحبه

 

طيب يعقوب ليه مراحش لموقع الجريمة عشان يدوّر عليه زي ما أي أب ممكن يعمل في موقف زي ده

لأ وكمان ليه مأجبرهمش إنهم يعترفوا عملوا إيه في أخوهم،

واختار إنه يصبر

"فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ"

 

إللي يجاوبنا على السؤال ده هو كلام يعقوب عليه السلام نفسه لما قال:

"قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ"

الجملة دي بتبين إن ربنا أوحى له إنه لا يبحث في المسألة وإنه يسكت ويصبر،

فعرف إن ورا إللي حصل ده حكمة إلهية هو مش عارفها، وإن هييجي يوم وهيقابل فيه يوسف مرة تانية، لكن لازم يستنى ويصبر لحد ما حكمة ربنا تتحقق

وهنشوف مع بعض حكمة ربنا في الأحداث الجاية وهنشوف إزاي يوسف رجع ليعقوب مرة تانية

 

زي ما شوفنا كده، يعقوب عليه السلام استعان بالله إللي قَدَّر عليه بُعد يوسف وفراقه عنه،

فصبر عليه السلام على فراق يوسف الصبر الجميل إللي من غير شكوى أو سَخط أو سوء أدب مع الله ورضِي بقضاء ربنا وتعبَّد لله بانتظار الفرج

 

في الوقت ده جت مجموعة من المسافرين في مكان البئر إللي يوسف مرمي فيه،

بعتوا واحد منهم عشان يجيب لهم مية من البئر،

"وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ "

وده بيدل على إن إخوة يوسف رغم الشر إللي كانوا فيه إلا إنهم كان فيهم شوية خير...

لإنهم لو كانوا عايزين يقتلوه زي قابيل ما قتل هابيل كانوا حطوه في بئر مافيهوش مية ومفيش ناس بتعدي عليه،

لإنهم بعد ما رموه في البئر على طول المسافرين جم ووقفوا يجيبوا مية،

 

فلما نَزِّل الرجل الدّلْو بتاعه في البئر عشان يسحب المية،

راح يوسف عليه السلام مِسك في الدلو،

رفع الراجل الدلو وفجأة لقى طفل متعلق فيه...!!

قال يا سلاااام لقيت طفل

"قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ "..

وفي اللحظات دي

كان إخوة يوسف بيراقبوا الوضع من بعيد، عشان كانوا خايفين أحسن حد يلاقيه ويرجّعه ليعقوب عليه السلام ويوسف يحكي له إللي حصل وتبقى كارثة

 

ممكن حد يسأل ويقول:

مش يعقوب عليه السلام عارف أصلا إنهم عملوا فعل سيء بيوسف، بدليل القميص بتاعه إللي كله دم ومع ذلك سليم

 

أيوة عارف ومخمن وشبه متأكد إنهم عملوا سوء، لكن أكيد الظن ومجرد المعرفة مهما ترجحت، مش هيكون زي اليقين القاطع لما يوسف يحكي بنفسه إيه اللي حصل،

ومش هيكون زي ما يعرف التفاصيل المؤلمة كلها بشكل واضح من يوسف نفسه.. ده غير إنهم كانوا خايفين إن يوسف يرجع ليعقوب تاني ويبقوا كإنهم ما عملوش حاجة ويفضلوا عايشين في نكد الغيرة للأبد

 

فلما الراجل نزّل الدلو وطلّع يوسف من البئر جه إخوة يوسف للراجل وقالوا له:

نبيعك الولد ده...ده عبد عندنا واحنا مش عايزينه،

فباعوه في السر للرجل إللي طلعه من البئر، وخبوه وسط البضاعة،

"وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ"

يوسف عليه السلام مش قادر يتكلم

خايف أحسن إخواته ياخدوه ويرموه في بئر تانية مرة تانية أو يقتلوه بقى المرة دي،

 

باعوا يوسف عليه السلام  بفلوس قليلة جدا والسبب في كده :

إن الفلوس مش همهم أصلا، فخافوا لو زوّدوا في السعر الراجل ميرضاش يشتريه

وده كان تفسير :

"وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ"

 

دخل يوسف عليه السلام مصر واشتراه رجل من أهل مصر، وراح بيه لبيته،

وقال لزوجته خدي بالك من الولد ده وأكرميه يمكن ينفعنا بعمل أو على الأقل نتبناه ويبقى ابننا،

"وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا "

وخصوصا إنه شاف جمال يوسف عليه السلام وشاف سمته الطيب وعلامات الصلاح عليه،

والظاهر من الكلام إن الرجل والمرأة دول ماكنش عندهم أبناء،

وده يُسمى التبني، والتبني محرم عندنا في الإسلام...

لكن التبني بمعنى الرعاية والعناية والعطف والكفالة...وووإلخ، فده مافيهوش حاجة

الحرمانية بس في إن الطفل يتكتب على اسم أب مش أبوه أو إنه يرث حق مش حقه.

 

المهم...

زي ما ربنا أنقذ يوسف عليه السلام من إخواته بتدبيره الحكيم،

فهو سبحانه كمان مكّن ليوسف عليه السلام بإنه خلّاه عند رجل يُحسن إليه ويكرمه وكمان رجل عنده منصب،

وبعدين هيتعلم تفسير الرؤى..

فكل حاجة ربنا بيقدّرها بتكون لحكم عظيمة لكن معظم الناس مايعرفوش الحكم دي ومش بيتدبروا فيها ، وحتى لو تدبروا فيها فمحدش هيحيط بحكمته عز وجل أبدا

"وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"

 

استقرت الأمور ليوسف عليه السلام في البيت ده والدنيا ماشية تمام...لكن الشيطان مش بيهدأ له بال ولا وسواس

دايما موجود وواخد العهد إنه يضل بني آدم،

مش وراه غير الهدف ده...

مستني أي فرصة بس ولو كانت بسيطة عشان يستغلها، فلعب المرة دي على مييين

على إمرأة العزيز... المرأة إللي المفروض في مقام أمه

 

يوسف عليه السلام ربنا أعطى له نصف جمال الكرة الأرضية زي ما قلنا، فبدأ يكبر ووصل لمرحلة الشباب والفتوة،

الجسد القوي...الشكل الجميل ...كامل من كل النواحي...

يعني البنات لما بتوصل لسن الزواج بيبقى فارس أحلامها مثلا وزوج المستقبل إللي بتتمنى ترتبط بيه بيكون جزء من مواصفاته مثلا إنه يكون شاب وسيم نوعا ما وبقدر ولو معقول من جمال الشكل،

سيدنا يوسف بقى وصل لدرجة من الجمال مهما حاولنا نتخيل مش هنتصورها إطلاقا،

شوف أجمل إنسان شوفته، بردو يوسف عليه السلام أجمل منه بمئاااات المراحل،

ومع ذلك لما ربنا تكلم عن فضائله في القرآن تكلم عن الحكمة والعلم ومهارة التأويل،

ما اتكلمش عن جماله الشديد ده، لأن المرء بعقله فعلا وقلبه ونفسه وروحه، مش بشكله ولا جسمه ولا لبسه

"وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ"

 

فلكم أن تتخيلوا شاب بالجمال ده مع امرأة طول اليوم في مكان واحد، والنساء والرجال بطبيعتهم وفطرتهم إللي ربنا فطرهم عليها بيميلوا لبعض،

فهي صبرت...صبرت... صبرت..

وخلاص مابقاش في مجال تصبر أكتر من كده،

وفي يوم من الأيام قفّلت الأبواب بإحكام شديد...

واتأكدت إن زوجها مش موجود واتزينت..

وكانت أصلا امرأة جميلة،

وراودت يوسف عن نفسه في فعل الفاحشة المُحرمة والعياذ بالله، وناسية إن ربنا شايفها وسامعها،

يعني الأمر مش بس خيانة لزوجها لأ ، ده كمان خيانة لله عز وجل

"وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ "

لكن يا ترى هل يوسف خاين لله زيها، وخاين لسيده إللي أحسن إليه وآواه في بيته وأكّله وشرّبه؟

خدوا بالكم، دي فتنة ما بعدها فتنة

يعني المرأة جميلة ونقطة ضعف الرجال في النساء، وهو شاب وهي إللي طالبة، وكمان هو مملوك ليها،

يعني فيه ناس بتعصي ربنا وتتحجج بإن المدير بتاعهم قال لهم كده،

يوسف عليه السلام بقى مملوك ليها، يعني ملوش حق يتصرف زي الأحرار،

وكمان قفّلت الأبواب جامد يعني محدش هيعرف بأي حاجة...

ومع ذلك قال لها معاذ الله ومرضيش أبدا إنه يعصي الله أو إنه يخون الرجل إللي أحسن إليه

"قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"

 

يعني أعوذ وألوذ وألجأ لله عز وجل عشان يعصمني ويحفظني من المعصية دي،

لإني مقدرش أعتمد على نفسي وقوتي ومجاهدتي لوحدي من غير إعانته عز وجل..

لو ربنا مساعدنيش هضيع ومش هقدر أعمل أي طاعة ولا أبعد عن أي معصية،

 

المرأة هنا ذات منصب وجمال،

منصب يعني هتقدر تمنع عنه أي ضرر وكمان جميلة، والرجال ضعاف قصاد النساء بصفة عامة فما بالكم لما تكون جميلة،

ومع ذلك يرفض ويقول معاذ الله،

عشان كده ربنا وعد إللي يعمل زي يوسف عليه السلام إنه يكون تحت ظل عرش الرحمن يوم القيامة،

في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظل عرشه عز وجل،

وطبعا الجزاء ده للرجال والنساء على السواء،

يعني لو امرأة دعاها رجل ذو منصب وجمال وقوة وجاذبية،

وقالت له معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، هيكون لها نفس الأجر

 

هنا يوسف عليه السلام ملقاش غير حل واحد بس وهو إنه يهرب...

وفعلا جري ناحية الباب وهي طلعت تجري وراه طبعا عشان تمنعه يفتح الباب أو يهرب،

فلما وصلت له شدت قميصه في إيديها وراحت قاطعاه بالطول وأول ما وصل ناحية الباب حصلت المفاجأة

لقوا الباب بيتفتح وزوجها داخل

"وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ"

وهنا راحت بسرعة قالت لزوجها: شايف يوسف عمل إيه

مفيش جزاء للي عايز يتعدى على مراتك إلا إنه يتسجن أو يتعذب

"قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"

يا واد يا مؤمن !!

فعلا على رأي المثل الساخر: ضربني وبكى وسبقني واشتكى!!

هنا يوسف عليه السلام بدأ يدافع عن نفسه وقال :

 ده هي إللي راودتني عن نفسي وأنا إللي مارضتش

"قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي"

فكان مع زوجها في الوقت ده واحد من أقارب زوجته يُقال إنه ابن خالتها،

وبالمناسبة قريب امرأة العزيز كان رجل بالغ مش طفل رضيع زي ما هو مشهور  بين الناس،

لأنه لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى عليه السلام، وطفل جُريج، وطفل المرأة إللي شافت ملك وفتاة مظلومة،

هنعرف قصصهم لما ييجي وقتها إن شاء الله

 

المهم،

الرجل ده عرف إن القميص بتاع يوسف اتقطع فقال خلاص احنا نشوف القميص،

لو كان اتقطع من قدام يبقى هي الصادقة وهو إللي كذاب،

"وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ "

ولو القميص كان مقطوع من ورا يبقى هي الكذابة وهو إللي صادق ،

"وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ "

فلما شافوا إن القميص مقطوع من الظهر...زوجها قال :

 ده من تدبيرك وكيدك إنتي مش هو

إن كيدهن عظيم فعلا

"فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ "

 

ودي حقيقة فعلا، النساء عندهم كيد عظيم،

لكن لو المرأة تقيّة وعندها دين وبتخاف ربنا مش هيكون عندها كيد إلا في الخير والحق

يعني مثلا تقدر تحصل على حقوق تخصها مثلا لو أصحاب القوة قهروها بقوتهم ومنعوا حقوقها فتقهرهم بكيدها ،

أو مثلا لو فيه مشاكل هتؤذيها وهي ولا ليها دعوة بيها،  فتعرف بذكاءها تخرج منها من غير ضرر،

تعرف تراضي زوجها وتسَايس ولادها في الحوارات إللي مبتنتهيش، إلخ.

وربنا أعطى النساء الكيد بصفة عامة لإن ربنا خلق المرأة ضعيفة والرجل أقوى منها، فالكيد والذكاء والحيلة إللي ربنا أودعها فيها بيجبر أحيانا الضعف ده لما تحتاج له

ورسول الله ﷺ بيقول إيه عن النساء:

"مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ"

 

المهم،

زوجها بقى عمل إيه بعد ما عرف الحقيقة

قالها استغفري وتوبي ...!

بس كده

وإنت يا يوسف خلاص اقفل على الموضوع ده وماتجبش سيرة ...انسى الموضوع كأن شيئا لم يكن

وطبعا احنا شايفين هنا قوة شخصية المرأة وسرعة تفكيرها ...وإن الراجل ماقدرش يعمل لها حاجة من ضعفه طبعا للأسف

"يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ"

 

طب سؤال مهم:

هو إزاي زوجها قال لها استغفري وتوبي وهم كفار

 

عشان هم كانوا مؤمنين بتوحيد الربوبية يعني إن في رب خالق للكون بس كانوا بيشركوا معاه في العبادة آلهة أخرى، زي مشركي مكة بالظبط كده، بس باختلاف المعبودات إللي بيشركوها في كل زمان يعني،

ده غير إنه قال:

استغفري لذنبك مش استغفري لربكودي جملة ممكن واحد كافر بالله أصلا يقولها في أي زمان،

يعني مهما كان الإنسان دينه كفر، ففي أمور مُتفق عليها بين البشر تخص الأخلاق والقِيَم لما الشخص بيتخطاها بيقى معروف إنه مُخطيء ولابد يعتذر ويظهر الندم على الخطأ ومن ضمن القيم الإنسانية المشتركة بيننا كلنا دي إللي ربنا أودعها فينا وتُعتبر من أدلة إن الخالق واحد بالفعل:

هي قيمة الوفاء وعدم خيانة الزوج وعدم فعل الفاحشة

 

طيب مين بقى إللي سمع بالقصة دي كلها

نساء عِلية القوم إللي في المدينة وأجاركم الله من لسان النساء لما يمسكوا عيب في واحدة

إلا من رحم الله طبعا

النساء قالوا إيه ؟

ورد إمرأة العزيز كان إيه

 

 

***********************

وقفنا المرة اللى فاتت عند نسوة المدينة إللي سمعوا باللي عملته امرأة العزيز مع يوسف قالوا إيه

قالت النساء : إلحقوا

مرات العزيز تراوِد العبد بتاعها عن نفسه لفعل الفاحشة وهو مش راضي

معقولة حبها ليه وصل للدرجة دي

ده إيه الضلال إللي هي فيه ده

وبقت هي حديث النساء في المدينة بالمنظر ده،

"وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"

 

طب كان رد فعل امرأة العزيز إيه ؟

ربنا بيقول:

"فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ" مقلش فلما سمعت قولهن،

مع إن ظاهر كلام النساء إنه كلام وأقوال عادية

 

لكن ركزوا معايا كده شوفوا كمية المكر إللي في السطرين دول

أول حاجة قالوا (امرأة العزيز) يعني :

يا شيخة اتكسفي على دمك انتِ مكانتك مش زي مكانة أي حد

وكمان انتِ امرأة متزوجة...يعني لو واحدة مش متزوجة كنا إلتمسنالك العذر

وكمان بتراود مين ؟ فتاها.. عبد يعني ..مش حر ... وإللي زيك تراود واحد من مستواها...ملك ...وزير.. واحد من الطبقة الراقية ..مش عبد!

وكمان هي إللي بتراوده عن نفسه مش هو!!...

يعني لو هو إللي بيراود وهي قَبِلت كان ممكن نعديها لكن هي إللي بتراود،

وقالوا تراود فعل مضارع يدل على الإستمرار يعني هي لسه مستمرة مش راودت وخلاص مرة وتابت،

يعني كإنهم بيعايروها وبيقولوا عنها:

"إيه المهانة إللي هي حطت نفسها فيها دي، للدرجة دي هي ضعيفة قدامه؟!

احنا مستحيل نوصل للضلال إللي هي فيه ده

وكمان من المكر إنهم قالوا الكلام ده من ورا ضهرها.. غيبة يعني

وطبعا هم عارفين إن الكلام هيوصل لإمرأة العزيز،

وهم عايزين يشوفوا يوسف عليه السلام وهم كانوا سمعوا عنه بس، وده برده من مكرهن ،

يعني قالوا الكلام ده عشان امرأة العزيز تغضب وتخليهم يشوفوه عشان تدافع عن نفسها

 

متخيلين إن العلماء قعدوا يفسروا ويتدبروا عشان يطلعوا التفسير ده من خلال السطرين دول وامرأة العزيز مجرد ما سمعت كلامهم فهمت على طول مكرهم، والأعجب بقى إللي هي هتعمله فيهم

 

كان إيه رد فعل امرأة العزيز بقى

امرأة العزيز بعتت لهم دعوة عشان ييجوا يزوروها

وفعلا جاءوا وحضّرت مجلس يكونوا فيه قاعدين ومرتاحين وآخر انبساط،

ظاهر الموضوع إنها بتكرمهم

"أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً.. وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا.."

يعني كمان قدمت لهم أكل محتاج استعمال سكاكين و أعطت كل واحدة سكينة ...

يعني ماحطتش شوية سكاكين وكل كام واحدة تستعمل سكينتها شوية وتديها للي جنبها بعدها، لأ...

كل واحدة ليها سكينة خاصة بيها،

هي عاوزة تحقق غرض معين، وبالفعل حققته بعد تخطيط ومكر ودهاء..

فهي قابلت المكر القولي بمكر عملي

واستعملت عنصر المفاجأة ،

فأول ما لقيتهم قاعدين مرتاحين ومش مديين خوانة وولا على بالهم أي شيء،

أمرت يوسف إنه يدخل عليهم ..

" وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ "!

طبعا النساء ضيوفها انتبهوا فجأة كلهم للشخص إللي داخل وفضلوا مدهوشين ومبرّقين عنيهم مش قادرين يلتفتوا عن يوسف بنظرهم إطلاقا كإنهم اتسحروا

وبدأوا يقطعوا في إيديهم وهم مش حاسين بأيّ ألم من كتر الذهول إللي هم فيه من جمال يوسف عليه السلام

"فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ "

 

زي لما بتكون مركّز في حاجة في الموبايل مثلا وحد يكلمك وانت مش سامع بتبقى حاسّة السمع كإنها ملغية مؤقتا بسبب تركيز حاسة البصر في شيء قوي جدا وطاغي،

هم بقى كانوا مركزين مع يوسف عليه السلام لدرجة إنهم مش حاسين إنهم بيحركوا السكين بإيد وبيقطعوا بيها الإيد التانية بدل ما يقطعوا الأكل.. متخيلين جمال يوسف عليه السلام

 

والمؤمنين لما هيدخلوا الجنة هيكونوا في جمال يوسف عليه السلام وأجمل

والنساء المؤمنات الصالحات، هتكون أجمل من الحور العين بشكل يفوق الوصف.

 

فالنساء شافوا بنفسهم جماله، ومن شدة جماله قطعوا إيديهم، ومش بس كده،

قالوا كمان دة مش ممكن يكون  بشر

ده أكيد مَلَك

"وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ "

 

طب سؤال:

وهمّ شافوا الملائكة فين

هو غالبا بيكون تعبير مجازي ...يعني انطبع في قلوب الناس إن أي شيء شكله جميل بيُشبه بالملائكة،

مش احنا ساعات بنشوف أطفال صغيرين ومن جمالهم ونقائهم بنقول:

ده شبه الملائكة اللهم بارك

 

نرجع للنسوة ونشوف حصل معاهم إيه

لما النساء قالت عن يوسف عليه السلام إنه ملَك مش بشر لشدة جماله؛

هنا بقى امرأة العزيز طلّعت إللي جواها :

شوفتم ...أهز ده إللي قعدتم تلوموني فيه وتعايروني بيه وبضعفي قدامه...

إنتم شوفتوه مرة واحدة وقطعتم إيديكم ...أنا بقى أعمل إيه إللي عايشة معاه في بيت واحد سنين!!

"قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم"

وأنا إللي راودته عن نفسه وهو امتنع ولم يقبل أبدا

وبدأت تتوعد يوسف عليه السلام وهو سامع، وتقول لهم:

ولو معملش إللي أنا بطلبه منه.. هسجنه وأعاقبه وأذله وأخليه يندم

" وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ "

 

المرة الأولى لما زوجها شافها، قالت عن عقاب يوسف "السجن وعذاب أليم"

والمرة دي مع نسوة المدينة قالت "السجن" بس، من غير عذاب ... طب ليه

لأن المرة الأولى لما رفضها يوسف عليه السلام جرح كبريائها وكرامتها واتسبب في فضحها عند زوجها

فعقلها كان مُغيّب بسبب إنها كانت غضبانة فكانت عايزة تنتقم، فقالت سجن وعذاب..

لكن المرة دي لأ ..هي واعية لهدفها، والأمل جواها اتجدد بشراسة أكتر لمّا لقت النسوة كمان مبهورين بجماله،

فإصرارها على مراودته عن نفسه بقى أشد وأقوى، فمش عايزاه يتأذى

 

هنا بقى يوسف عليه السلام أدرك أد إيه هو بقى في ورطة أكبر بالفعل...

الأول كانت امرأة العزيز بس ...دلوقتي النساء كلهم بيراودوه عن نفسه

فتنة عظيمة جدا...

شاب أعزب ونساء جميلات وعندهم منصب وهو مملوك وفيه ترغيب وفيه وعيد....شدة وابتلاء وورطة شديدة

 

مين إللي يقدر يطلعه من الورطة دي؟

ربنا

القوي المتين الذي يتولى الصالحين.. سبحانه عز وجل.

 

قال يوسف عليه السلام:

يا رب السجن أحسن وأحب ليّا من إني أتورط معاهم في طلبهم ده لإنه معصية ليك وأنا لا يمكن أخون عهدي معاك تباركت وتعاليت

ولو انت يارب مابعدتهمش عني وعصمتني منهم وحميتني من الفتنة،

هضعف وهسمع كلامهم وأميل لتنفيذ طلبهم ولغوايتهم، لإني بشر لا حول لي ولا قوة إلا بك

"قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ"

 

وهو ده حال المؤمن دايما، أي بلاء ينزل بيه لااازم يلجأ لربنا على طول

 

 

"فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"

والناس بدأت تتكلم عن امرأة العزيز والنسوة..

وهتبقى فضيحة لكبراء القوم، طب يعملوا إيه؟ يسَكِّتوا الناس دي كلها إزاي

هل يضَحّوا بزوجاتهم ويضحوا بسمعتهم؟ ولاّ يضحوا بيوسف العبد؟

هم عارفين إن يوسف عليه السلام بريء وثبتت براءته ...بس محتارين يخرجوا من الورطة دي إزاي من غير ما يتعرضوا همّ للإهانة أو الخسارة

 فعملوا إيه

اختاروا يضحوا بيوسف عليه السلام ..

ودخلوه السجن أهو نخفيه عن العيون حبة كده لحد ما الأمور تهدأ والناس تنسى..

"ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ"

 

وهو داخل السجن دخل معاه شابين تانيين،

"وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ"

قصتهم إيه؟

قصتهم من الإسرائيليات إللي ينفع نحكيها، فهقولها لكم عشان تفهموا القصة ماشية إزاي

ملك مصر ساعتها يُقال إنه كان من الهكسوس، فكان في ناس بتكرهه،

فطلبوا من ساقي الملك إنه يحط سم للملك في الشراب بتاعه إللي بيشربه وهيدوله فلوس ومنصب ويكافئوه.

فرفض..

فطلبوا من طباخ الملك إنه يحط السم في الأكل وهيكافئوه فوافق، فلما حطوا الأكل والشراب عند الملك ...

الساقي قال الأكل فيه سم، فراح الطباخ قال الشراب فيه سم، فالملك دلوقتي عرف إن في سم بس فين مش متأكد، فأمر إنهم يجيبوا له حيوانات وفصلهم،

قسم ياكل من الأكل وقسم يشرب الشراب، ويشوف النتيجة،

ولحد ما النتيجة تطلع..

أمر إن الساقي والطباخ يدخلوا السجن،

فلما كانوا داخلين السجن دخل معاهم يوسف عليه السلام

"وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ "

قعدوا كام يوم في السجن، فشافوا أخلاق يوسف عليه السلام وعبادته وصلاحه،

وبقدر ربنا كل واحد فيهم شاف رؤيا، وكل واحد جه يحكيها ليوسف عليه السلام.

 

تقدير ربنا عجيب فعلا سبحانه

في الوقت إللي كان مقدّر على يوسف عليه السلام ابتلاؤه، كان بيقدّر له الفرج من أوسع أبوابه من ناحية تانية وهو مايعرفش

وعلى فكرة ده بيحصل معانا برده،

بنقع في ابتلاء وربنا بيدبر لنا وبيهيأ لنا أسباب الفرج والعافية واحنا مانعرفش ولا حاسين بيها

 

شاب من الشابين إللي هو الساقي قال ليوسف عليه السلام : أنا شفت إني بعصر خمر، يعني بيعصر العنب وبيحوله لخمر،

والتاني إللي هو الطباخ قال :

وأنا شفت إن فيه طيور بتاكل عيش من على راسي،

فإيه تفسير الرؤيا دي؟ إحنا سألناك لأننا شفنا عليك علامات الصلاح.

"قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ "

 

وهنا فايدة مهمة جدا

وهي إننا دعاة إلى الله بأفعالنا، وأخلاقنا...ممكن واحد يكرّه الناس في الدين بسبب أخلاقه السيئة...بسبب إنه قدوة سيئة،

وفي نفس الوقت ممكن واحد تاني يحب الدين ويستجيب لأوامر ربنا بسبب إنه شاف قدوة حسنة قصاده وشخص أخلاقه عالية..

 

فيوسف عليه السلام استغل الفرصة وبدأ يدعوهم ،

فعرَّفهم بنفسه الأول وعرّفهم بالسبب إللي ورا كلامهم الطيب ده عنه وشعورهم بصلاحه وإنه من المحسنين،

فقال لهم مفيش أكل هيجيلكم إلا وهقولكم عليه قبل ما ييجي،

هقولكم هييجي أكل كذا وكذا

بيقول لهم الغيب يعني، من إللي ربنا أطلعه عليه طبعا،

" قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا"

 

طيب أنا كيوسف بعرف الكلام ده إزاي

ربنا علمهولي،

"ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ"

لإني آمنت بالله واتبعت دين آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب، طيب إيه ديننا ده؟ دين التوحيد لله رب العالمين..

" وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ "

 

الدين إللي بيدعو لعبادة رب واحد فقط لا شريك له،

طب أنهو الأحسن في عقلكم؟ قولولي كده يا صاحبي السجن: أرباب متفرقة متنازعة متشاكسة، ولّا رب واحد بس يعلو ولا يُعلَى عليه؟

" يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ"

انتم بتعبدوا مجرد أسماء فقط انتم إللي سميتوها أنتم وأباؤكم وإديتوها حق مش بتاعها ولا هي طلبته أصلا لنفسها ولا قالت لكم اعبدوني، في حين إن ربنا أمر إنكم تعبدوه هو وماتعبدوش غيره ،

" مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ

وهو ده الدين الصحيح القويم إللي تنصلح بيه أمورنا في الدنيا والآخرة بإذن الله،

ولكن غالبية الناس مش راضيين يفهموا ده.. عشان كده هم مشركين..

" إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"

 

الناس في عهد يوسف عليه السلام كانوا بيؤمنوا بتوحيد الربوبية يعني إن في رب خالق ..رازق ..مُحيي.. مميت، لكن مش مؤمنين بتوحيد الألوهية وهو توحيد العبادة لله فقط،

فكانوا بيعبدوا مع الله آلهة أخرى،

عشان كده العزيز قال لزوجته استغفري لذنبك، يعني هم مؤمنين بوجود رب لكن بيشركوا بيه وبيعبدوا معاه آلهة مزعومة تانية.

 

فيوسف عليه السلام بعد ما استغل الفرصة دعويا بشكل رائع،

بدأ بقى يفسّر لهم الرؤى بتاعتهم،

فقال:

واحد فيكم هيسقي الملك خمر، والتاني هيتصلب والطيور هتاكل من رأسه،

"يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ"

فحاولوا إنهم يغيروا كلامهم فقال لهم خلاص وقع حكم الله وانتهى الأمر

"قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ"

يوسف عليه السلام دخل السجن ظلم،

من وزير المالية إللي هو العزيز، بسبب زوجته وبعض نساء المدينة،

فحب إنه ياخد بالأسباب ويشوف رتبة أعلى من الوزير تطلعه من السجن،

فطلب من اللي عبّر له الرؤيا وقال له:

لما تطلع من السجن زي ما الرؤية اتنبأت ليك بده، ابقى اذكرني عند الملك بتاعك، وقل له إن فيه شخص مظلوم في السجن،يمكن يشوف قضيتي ويطلعني،

وفعلا طلع الساقي من السجن لكنه نِسي موضوع يوسف عليه السلام.

"وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ

 "فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فلبثَ في السجن بِضعَ سنين

 ياترى إيه حكمة ربنا إن الساقي ينسى ويستمر يوسف مدة أطول في السجن بدون ذنب؟

ويا ترى يوسف عليه السلام هيطلع من السجن إمتي وإزاي؟

 

 

******************************

 

وقفنا المرة إللي فاتت عند يوسف عليه السلام لما طلب من الساقي إللي فسّر له الرؤيا إنه يحكي قصته عند الملك،

لكن الساقي نسي موضوع يوسف عليه السلام بتقدير من ربنا، وقعد يوسف في السجن حوالي من ثلاثة إلى سبع سنين، المدة بالضبط مكنتش معروفة

"وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ"

 

في يوم من الأيام الملك رأى رؤيا، رأى إن فيه سبع بقرات ضعاف هزلانين بياكلوا سبع بقرات سِمان وطخان كده وحلوين

فقام من النوم مفزوع

ليه

لأن الطبيعي إن القوي السمين هو إللي ياكل الضعيف مش العكس

فنام تاني ورأى سبع سنبلات يابسة بيتلفّوا على سبع سنبلات خضراء وبيخلوهم يابسين زيهم، فقال باااس كده الموضوع فيه حاجة

"وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ"

جمع السحرة والكهان والوزراء وحكى لهم الرؤيا...وسألهم إيه رأيكم ؟ أنا عاوز حد يفسرلي الرؤيا دي

فقالوا له كلهم : رؤيا إيه بس

دي أضغاث أحلام ...أوهام ....واحنا مش اختصاصنا تفسير الأحلام

احنا بنفسر الرؤى بس، لو دي رؤيا كنا فسرناها على طول

"قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ"

 

يعني مش بس جهلة؛ لأ ده بيفتوا بغير علم

وكمان إيه، بيجزموا بكده بكل ثقة

يعني حتى مش شايفين احتمال إنهم ممكن يكونوا غلط لأ ده كمان ادّعوا الفضل لنفسهم:

لو كانت رؤيا كنا عرفناها

أمّال يعني تضيع هيبِتهم كده قدام الملك والحاشية ويبان إنهم مش عارفين

فالأسهل والأحسن لشكلهم إيه؟ إنهم ينكروا الموضوع كله وخلاص، وبكل ثقة كده

ده حتى مقالوش طب خلينا نبحث المسألة وندور، لأ ده قالوها خبط لزق كده ...دي أضغاث أحلام

 

مين بقى إللي كان موجود في اللحظة دي وسمع الحواااار

ساقي الملك إللي طلع من السجن ونسِي خااالص موضوع يوسف

وفي وسط القصر والملأ قاعدين والسحرة والكهنة والملك قاعد محتار،

إذ فجأةً يطلع صوت حد بيقول: أنا هقول لكم تأويل الرؤيا دي إيه

"وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ "

طبعا الكل بص مين إللي بيتكلم ده! لقوه ساقي الملك

وكإن نظراتهم ليه ساعتها بتقول : يعني إنت إللي هتجيب التايهة يا فالح

راح على طول قال لهم: ابعتوني بس للسجن.. فيه واحد هناك هو إللي هيفسر كل حاجة

"فَأَرْسِلُونِ"

في اللحظة دي بس افتكر يوسف عليه السلام، وقال بكل ثقة إنه هيجيب لهم خُلاصة الموضوع، وده بسبب ثقته الشديدة في يوسف عليه السلام

وعلى رأي المثل: اسأل مجرب..

هو جرب بنفسه صدق تأويل يوسف للرؤى.. ده غير إنه قعد معاه فترة في السجن وعاشره بنفسه وشاف صلاحه وحسن خلقه وتقواه،

وفعلا بعتوا الساقي للسجن ودخل على يوسف عليه السلام

وأول ما بدأ كلامه مدحه وأثنى عليه، لإنه مش ناسي فعلا أد إيه يوسف كان إنسان صالح ومحترم ومن المحسنين.

 

فحكى له الرؤيا، وقال له إيه تفسيرها لعلي أرجع وأقول للناس عشان يعرفوا يتصرفوا إزاي وكمان عشان يعرفوا عنك وعن مكانتك وقدرك وفضلك فيكون ده سبب مُحتمل في إنك تخرج من السجن.

"يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ"

الساقي بيحاول يغري يوسف ويقنعه إنه يفسر الرؤى لإنه خاف إن يوسف عليه السلام ميرضاش يقولهم على التأويل

يعني أي حد مكانه هيقول أنا واحد سجنتوه ظلم وكمان نسيتوه فطالت مدة ظلمه أكتر وبعدين في الآخر عايزيني أساعدكم وأحقق طلبكم

لكن يوسف عليه السلام المُحسن الكريم ما عملش كده،

فسّر لهم الرؤيا وحتى ماشترطش إنه يطلع من السجن الأول في مقابل إنه يفسّر لهم الرؤيا،

قالهم: تزرعوا الأرض سبع سنين مستمرة وإللي تحصدوه خلوه في السنابل بتاعته حتى لا يَيبس ولا يفسد،

بس خدوا منه إللي إنتم محتاجين تاكلوه فقط،

"قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ"

لإن هييجي بعد كده سبع سنين شداد، فيهم جدْب وقحط ومفيش مطر فمش هتلاقوا حاجة تاكلوها إلا إللي انتم خزّنتوه،

"ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ"

وبعد كده هييجي عام هينزل فيه المطر والأوضاع تتحسن.

فوضح لهم الموضوع كله بكل أمانة

ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ "

 

فلما الساقي رجع وقال للملك تفسير الرؤيا والناس كلها قاعدة بتسمع معاه، استغرب طبعا جدا!!

محدش عرف يفسر الرؤيا في مصر كلها غير يوسف ده

الراجل ده أمره عجيب وأكيد وراه حاجة

 

فالملك قالهم هاتوا لي السجين ده عايز أسمع كلامه بنفسي..

عايز يشوف مين الشخص ده،

"وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ"

فلما بعتوا له حد عشان يجيبه يوسف عليه السلام رفض يطلع من السجن وقال للراجل إللي جاله إرجع للملك بتاعك واسأله الأول عن قصة النساء إللي قطعوا إيدهم،

وكانت القصة اشتهرت ساعتها في المدينة زي ما قلنا، لكن واضح إن الملك كان آخر من يعلم

"فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ"

 

فالملك سأل إيه الموضوع... هاتوا النساء...سأل إيه حكايتكم ، إيه إللي حصل يوم الضيافة لما راودتن يوسف عن نفسه؟

"قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ "

فالنساء قالوا بصراحة الراجل ماعملش حاجة وحشة وعمرنا ما عرفنا عنه إلا كل خير،

"قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ "

مين كان موجود وسط النساء دووول

امرأة العزيز ...وخدوا بالكم إن يوسف عليه السلام ماجابش سيرتها خالص مع إنها السبب أصلا في كل إللي حصل

 

لكنه اتكلم بشكل عام عن جماعة النسوة على بعضهم

فامرأة العزيز مابقاش قصادها غير إنها تعترف بفضل يوسف وكرمه وأخلاقه وبراءته، فهو حفظ الود والعشرة ومقبلش أبدا إنه يخون ولي نعمته، عزيز مصر إللي اتربى في بيته وأكرمه، ورفض إنه يقابل الإكرام ده بحاجة سيئة وفيها خيانة شديدة له ولعرضه،

مع إنهم ظلموه وسجنوه رغم براءته، وما أشفقوش عليه ولا رحموا سنين عمره إللي بتضيع بدون ذنب،

لكن كل إنسان بيتعامل بأصله ومفيش حاجة بتضيع عند ربنا

فمش هو إللي جاب سيرتها واسمها، دي هي امرأة العزيز إللي أعلنت براءة يوسف عليه السلام على الناس كلها وأقرت إنها هي اللي راودته عن نفسه وإنه صادق وبريء ،

"قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ"

ده كان قصاد الملك والنساء والملأ و باقي الناس في القصر كلهم،

فظهرت براءة يوسف عليه السلام للجميع،

وقالت امرأة العزيز إنها اعترفت بالحقيقة أخيرا عشان يوسف يعرف إنها لما جه وقت الكلام والشهادة قالت الحق، ومخانتهوش باتهامه بالفاحشة ظلما وزورا،

لأ، دي اعترفت إنه بريء وإن هي اللي أجرمت،

وقالت ده رغم إنه غايب عن مجلس الملك أصلا ومش سامعها ومايعرفش حاجة عن الموقف ده لإنه لسه في السجن مستني رد الملك على سؤاله عن النسوة قبل ما يخرج،

"ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ"

وأنا مش ببرأ نفسي لإن النفس أمارة بالسوء إلا إللي يعصمهم ربنا.

"وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي"

فالملك قال لأ ده مش انسان عادي أبدا

 ده عنده علم وفضل مش عند الناس كلها،

ولما عرَضَت عليه إنه يطلع مارضيش غير لما يبرّأ نفسه وسمعته لإن دي تهمة تمس الشرف،

وكمان إنسان عفيف، وعنده أخلاق ومش بيعامل إللي ظلموه بالإساءة او بالمثل!

هاتوهولي ...ده هيبقى من أهل مشورتي ومن الخواص عندي

"وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي "

 

طيب ليه يوسف عليه السلام رفض إنه يخرج من السجن  على طول

لأن لو مكنش عمل كده الناس كانت هتفكر إنه طلع من السجن عشان فسّر الرؤيا للملك مش عشان هو كان مظلوم

وكمان عشان ميكونش في قلب الملك حاجة من ناحيته،

ما هو ممكن بعدين بطانة السوء تيجي توقع بين يوسف وبين الملك بسبب الموضوع ده ويخلوا في قلب الملك شك من ناحيته

فلما الملك شاف يوسف عليه السلام انبهر بجماله وبهيبته، لإن النبوة بتدي للإنسان هيبة وجلال، فالملك قاله من النهاردة إنت ليك مكانة عظيمة عندنا،

"فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ"

فيوسف عليه السلام قاله اجعلني وزير المالية وأنا خازن أمين وعندي علم وبصيرة بالأحداث إللي هتيجي.

"قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ"

 

وهنا يجوز للإنسان إنه يمدح نفسه في موقف زي ده ويزكي قدراته الشخصية ومهاراته في تولي المسؤولية لو كان يعلم من نفسه فعلا إنه أدها عشان يعرّف الشخص إللي قصاده مكانته وقدره وإمكانياته،

وكمان يجوز إنه يطلب الإمارة لو شاف إنه هو فعلا أهل ليها ..وخصوصا لو مفيش حد عنده نفس قدراته فلازم يتولى المسؤولية

 

نقف هنا بقى وقفة كده عشان نشوف حكمة ربنا في الأحداث دي

تخيلوا كده لو كان الساقي حكى للملك عن يوسف عليه السلام أول ما طلع من السجن وطلب منه يخرّج يوسف لإنه بريء، هل كان الملك هيهتم أصلا بالموضوع؟!

وحتى لو كان اهتم كان ممكن يقول لأي وزير ولّا أي مسؤول عنده يشوف الموضوع،

ولو طلع يوسف فعلا كانت الناس هتفضل بصّاله بعين الشك والريبة وهو بقى بدل ما يستهلك طاقته في الدعوة إلى الله هيستهلكها في تبرئة نفسه، ده إذا كان طلع أساسا

ماهو العزيز كان ممكن يعرف بالموضوع ويعالج الموضوع بشكل لئيم مع الوزراء ولا أي مسؤول بحيث إن يوسف يفضل في السجن ده أو يتحط في سجن منفرد لوحده حتى عشان يضمنوا إن الفضيحة خلاص متسيطر عليها تمام،

ده إذا ما حاولوش يقتلوه ولّا حاجة عشان يخلصوا منه تماما ويطمنوا أكتر

فربنا أراد ليوسف عليه السلام إنه يخرجه من السجن والناس كلها تعرف براءته بشكل مذهل وما حدش ينساه،

وخدوا بالكم إن إللي شاف الرؤيا كان الملك مش أي حد،

لأن الملك لما بينشغل بحاجة بتلاقي كل إللي حواليه مشغولين بنفس الحاجة ويتكلموا فيها، فلما الملك يعطي ليوسف عليه السلام المكانة كل الناس هتعرف

وكمان حكمة ربنا إنه خلى الملك حكى الرؤيا قصاد الملأ كلهم والسحرة والكهنة وبان جدا إنهم عاجزين

هو مش كان ممكن الملك يحكي الرؤيا دي للساقي وهم لوحدهم والساقي يقوله إن في واحد كذا وكذا وابعت هاته وهو هيقولك التأويل  و...و...إلخ؟

وبعدين ينادي الملأ ويقول لهم الراجل ده عرف يفسر الرؤيا وعنده علم بالتأويل،

كانوا هيقولوا إيه ساعتها؟

كانوا هيقولوا طيب ماحنا عارفين زيه

لو كنت سألتنا كنا هنقولك نفس الإجابة بس إنت مسألتناش

فربنا أظهر عجزهم الأول عشان يبان فضل يوسف عليه السلام

 

يعني ده معناه إن يوسف عليه السلام تعلق قلبه بالسبب وتوكل على حد غير ربنا عشان كده ربنا عاقبه بإنه يفضل في السجن

لأ طبعا

 لإن الأخذ بالأسباب لا يتعارض مع التوكل على الله

فاحنا لازم ناخد بالأسباب الدنيوية دايما، وبعدها ننسى خالص إننا أخدنا بالأسباب ونتعلق فقط بالله عز وجل من بيده كل شيئ.

وده إللي يوسف عليه السلام عمله، لأنه متهم ظُلم والإنسان لازم يبرأ نفسه وخصوصا الأنبياء، وكمان يوسف عليه السلام عنده رسالة لازم يبلغها للناس، فإزاي هيؤدي رسالته في الدعوة إلى الله وهو متهم في عرضه؟

ده غير إن الأنبياء معصومين أصلا فالتوكل الكامل أصل في قلوبهم،

فاستمرار وجود يوسف عليه السلام في السجن كان لمصلحته، عشان لما يخرج يكون عزيز، وكمان هو اتعلم في السجن أمور ماكنش هيتعلمها إلا في المكان ده

 

بعد الأحداث دي كلها الأمور استقرت ليوسف عليه السلام وبدأ يُشرف على زراعة الأراضي ويدير الأموال والمزروعات لحد ما عدت أول سبع سنين،

وكان يوسف عليه السلام خزّن طعام كتير وبقى عندهم فائض يكفيهم ويكفي غيرهم،

وانتشر في كل مكان إن مفيش أكل غير في مصر،

فكل الناس بقوا ييجوا مصر عشان يشتروا الأكل، وكان مين إللي جه لمصر من ضمن الناس إللي جم

إخوة يوسف عليه السلام

جت لحظة الإنتقام والمواجهة

يا ترى عمل معاهم إيه بقى

**********************

وقفنا المرة إللي فاتت عند إخوة يوسف عليه السلام لما راحوا مصر عشان يشتروا منها طعام،

كان يوسف عليه السلام بُيشرِف على أمور البيع والشراء، فَجاء إخوة يوسف ودخلوا عليه عشان يشتروا،

فلما شافهم، هو عرفهم وهم ماعرفوهوش، متخيلين الموقف

هنا يوسف عليه السلام اتعاد قصاده شريط ذكرياته كله...

وأكيد بقى قلبه بيدق وبقى فيه فوران مشاعر مختلطة،

افتكر المعاملة السيئة...افتكر رميه في البئر وتركه بلا أمان ولا أنيس..

افتكر بيعه بتمن رخيص.. وبلاؤه مع امرأة العزيز ثم مع النسوة...السنين إللي قضاها في السجن...

وفجأة يلاقي السبب في كل إللي حصله ده واقف بشحمه ولحمه قصاد عينه دلوقتي، ويفصل بينه وبين الثأر منهم لنفسه لحظات

"وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ"

 

لكن يوسف عليه السلام معملش أي حاجة، متخيلين الثبات الانفعالي والحِلم إللي عند يوسف عليه السلام

يوسف عليه السلام مسك نفسه من إنه يقول لهم انتم مش عارفيني،؟!

أنا يوسف، أنا إللي عملتم فيه كذا وكذا ودلوقتي أقدر أنتقم منكم، لكن يوسف عليه السلام معملش كده ومسك نفسه،

إحساس كبح زمام النفس ده عن إحراج الناس بالمثل، إحساس صعب فعلا وشديد وفظيع الصراحة

عشان كده الصفتين دول من الصفات إللي ربنا عز وجل بيحبها،

 

حتى رسول الله ﷺ قال لواحد من الصحابة اسمه الأَشَج العصري:

"إن فيك خصلتين يحبهما الله، الحِلمُ والأَنَاةُ"

ربنا يجعلنا منهم ويوفقنا لكل خير يرضيه عز وجل

 

يوسف عليه السلام بقى عاملهم زي ما بيعامل باقي الناس بالخلق الكريم والإحسان

وكان من عادة يوسف في الإشراف على البيع والشراء، إنه يبيع لكل مُشتري حمولة جمل واحد فقط،

عشان يقطع الطريق على التجار إنهم ميشتروش كميات كبيرة بغرض احتكار البضاعة في السوق عشان يعلوا الأسعار على الناس بعد كده،

فإخوة يوسف كمشترين زي باقي المشترين، طلبوا منه نصيب لأبوهم وأخوهم إللي مش معاهم دلوقتي في القافلة،

فبدأ يوسف يتكلم معاهم ويعمل معاهم حوار بلهجة أهل مصر عشان مايعرفوهوش من لهجة بلده الأصلية إللي هي بلدهم عند يعقوب،

وسألهم عن بلدهم وأحوالهم من باب تلطيف الجو وتبادل الحوار بحيث إنهم يطمنوا له وكده

وقبل ما يسيبهم يمشوا قال لهم:

السنة الجاية تجيبوا أخوكم معاكم عشان أتأكد إنكم مش كذابين ومش واخدين نصيب نفر زيادة من غير حق

وقال لهم عشان يحمسهم أكتر إنهم مينسوش يجيبوه معاهم المرة الجاية:

مش إنتوا شايفين بنفسكم إزاي أنا بملا المكيال لحد آخره من غير ما بنقّص منه أو بطفّف في المكيال زي التجار الغشاشين؟

مش شفتوا بنفسكم إزاي بنحب نكرم زبايننا

فاحنا في انتظاركم بقى السنة الجاية بالنفر الزيادة ده تيجوا كلكم و تاخدوا البضاعة إللي تعجبكم إن شاء الله..

وده الحوار إللي ربنا اختصره في القرآن بكل بلاغة وفصاحة ودقة وقال:

"وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ"

 

لكن يوسف في نفس الوقت خوّفهم وقال لهم:

بس لو ماجبتوش أخوكم معاكم المرة الجاية مش هَدِّيكم حاجة خالص

"فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلَا تَقْرَبُونِ"

 

فقالوا له هنحاول نقنع أبونا ونجيبه 

"قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ"

 

ثواني كده

هو إزاي يوسف عليه السلام عِرفهم وهم ماعرفهوش

لإن يوسف عليه السلام لما افترق عنهم كان صغير وهم كانوا كبار،

وعلى الأقل عدت حوالي عشرين سنة على يوسف

من ساعة مافترق عنهم، فأكيد ملامح يوسف عليه السلام اتغيرت من ملامح الطفولة لملامح الشباب،

وكمان همّ لما دخلوا عليه كانوا ضعفاء وهو عليه هيبة المُلك فهيبة المُلك ولبسه وهيئته ماخلتهمش يتعرفوا عليه بسهولة ويمكن مخلتهمش كمان يبصوا له بتأمل دقيق أو يتمعّنوا في ملامحه،

ده غير كده أصلا هم عمرهم ما يتخيلوا أبدا إن يوسف يكون في المكان ده فضلا عن إنه يكون وزير المالية إللي سيرته انتشرت في كل مكان بكل خير بسبب عبقريته الاقتصادية وحسن إدارته لخزائن مصر في زمن القحط

وكمان يوسف كان مترقّب ومستني وصول إخواته من بلد أبيه يعقوب في أي وقت زيهم زي أي ناس رايحة جاية على مصر الفترة دي؛

لإن هو عارف إن القحط إللي كان في كل البلاد ده هيخليهم ييجوا عندهم لإنهم البلد الوحيد إللي عرف يوفر أكل،

فكان متوقع إنهم هييجوا، وكمان إخواته كانوا عشرة فلو ماعرفش واحد هيعرف التاني ويتأكد إنهم همّ إخوته،

بعكس الشخص الواحد مش هيركزوا معاه أوي كلهم مرة واحدة

 

رجع إخوة يوسف عليه السلام لفلسطين عند يعقوب ..قالوا له:

احنا اتمنع مننا المؤونة بتاعة السنة الجاية لإنهم اشترطوا علينا إننا نجيب أخونا معانا عشان يتأكدوا إننا بناخد بضاعة فعلا لنفر زيادة موجود ومش بنكذب عليهم،

فيا أبونا الكريم ابعت معانا أخونا السنة الجاية عشان يرضوا في مصر يدونا الكيل المعتاد بتاعنا ،وما تقلقش احنا هناخد بالنا منه ونحطه في عنينا

"فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"

 

طبعا يعقوب عليه السلام قال لهم:

عايزيني استأمنكم عليه زي ما استأمنتكم على أخوه يوسف قبل كده

فطبعا همّ ماقدروش يردوا..

هيقولوا إيه، وفعلا المشهد ده يعقوب عليه السلام شافه منهم قبل كده وكانوا قالوا له نفس الكلام لما أخذوا يوسف عليه السلام ثم خانوا العهد

"قَالَ هَلْ آَمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"

 

فمردّوش طبعا.. وراحوا ينزلوا الغلة إللي اشتروها من على الجمال، قاموا لقوا الحاجات إللي دفعوها مقابل الأكل -زي فلوس كده- موجودة عندهم في الحمولة هي كمان

 

يوسف عليه السلام قبل ما إخواته يسيبوا مصر كان أمر العمال بتوعه إنهم يحطوا البضاعة دي معاهم تاني؛ عشان خاف أحسن ميكونش عندهم غيرها فميجوش السنة إللي بعدها وهو عاوزهم ييجوا تاني،

فكإنه بيُغريهم بالقدوم بكل الطرق، فخلى عماله يعملوا كده وكمان من غير ما يعرفوا عشان مايحرجهمش قصاد الناس  عشان ميظهرش إنه بيتصدق عليهم مثلا ولّا حاجة،

وكمان يوسف عليه السلام شاف إن من العيب وسوء الخلق إنه ياخد فلوس من أبوه وإخوته فرجعها لهم،

ده غير إنه أراد إنه يرد الإساءة بالإحسان عشان كده بالغ في إكرامهم

 

وده من تأديب الإنسان لنفسه، النفس بتبقى عايزة تتشفى وتنتقم أول ما تجيلها الفرصة، لكن يوسف عليه السلام عمل عكس كده بأسلوب عملي،

يعني كأنه بيقول:

مش انتم أسأتم لي وأنا أقدر انتقم لنفسي ومش عايز أشوفكم تاني

لأ بقى أنا هعطيكم عشان أكسر نفسي وابعدها عن الإنتقام ومتركش لها أي مجال،

 

والنتيجة فعلا كانت إن إخوة يوسف لما شافوا الحاجة زي ما هي اندهشوا من حجم كرم يوسف عليه السلام،

"وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ"

 

فرجعوا ليعقوب عليه السلام وقالوا له يا أبانا احنا مش ناويين شر والدليل أهو، الناس رجّعوا لنا البضاعة بتاعتنا مع البضاعة إللي أخدناها منهم،

خلاص بقى..  هناخد أخونا معانا نجيب المؤونة ونضاعف نصيبنا بنفر زيادة ونرجع لك... الموضوع بسيط

"قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ"

 

فيعقوب عليه السلام حسّ المرة دي إنهم صادقين، وخصوصا إنه خلال السنين إللي فاتت مشفش منهم حاجة وحشة وانصلح حالهم وكانوا بارين بيه فقرر إنه يستأمنهم بشرط،

قال لهم عايزيني أبعته معاكم يبقى تدوني ميثاق ..يعني تحلفوا بالله العظيم إنكم هترجعوه ليا تاني؛

إلا لو اتزنقتم أوي ومفيش أي مجال إنكم ترجعوه زي مثلا إن يصيبكم هلاك عظيم يشملكم كلكم مسابش منكم حد وما قدرتوش تدفعوه عنكم ولا قدرتوا ترجعوا عندي تاني.. ساعتها أعفيكم من الميثاق الغليظ دة ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها،

"قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ"

ففعلا وافقوا وادوله الميثاق إللي طلبه وأشهَدوا ربنا عز وجل على العهد ده وهما مطمنين، لأنهم صادقين ومش ناويين شر فعلا

"فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ"

 

عدت السنة وراح الـ11 أخ لمصر، وكان لمصر ساعتها أربع أبواب الناس بيدخلوا منها،

فيعقوب عليه السلام قال لولاده متدخلوش كلكم من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة،

لأنهم كان عليهم هيبة وجَمال ملفت للنظر،

 يعني إحدى عشر أخ بالمنظر ده ممكن تصيبهم العين والعين حق،

"وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ  "

فيعقوب عليه السلام بيحاول ياخد بالأسباب، وفي النهاية لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. حتى هو نفسه لما قال كده قال بعدها :

"وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ"

وفعلا سمعوا كلامه وعملوا كده ودخلوا من كذا باب متفرقين، وراحوا عشان يشتروا المؤونة،

فلما دخلوا على يوسف أكرمهم وأحسن إليهم وأخد أخوه الصغير بنيامين على انفراد،

يعني بنيامين لما دخل على يوسف مع إخوته، معرفش يوسف أصلا،

معرفوش غير لما يوسف انفرد بيه وقاله إن هو أخوه يوسف، وساعتها طبعا أظهروا مشاعرهم لبعض وهم لوحدهم من غير ما حد يعرف..

"وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "

والأخ مأوى ووطن.. خصوصا لو قريب منك ومن قلبك ومفيش بينكم أي عداوات أو صراعات على الدنيا،

فأكيد لقاءهم ببعض بعد كل المدة دي كان غير عادي

 

بعد ما سلموا على بعض، يوسف طمّنه وحكى له على إللي حصل معاه كله وقال له إنه هيعمل حيلة عشان ياخده معاه في مصر ويكون مُعزز مكرم،  بس مايقولهمش حاجة لحد ما الخطة تتم بنجاح

 

لما خلاص يوسف عليه السلام جهّز إخواته بالمؤونة بتاعتهم عشان يمشوا ...

فجأة لقوا حد بينادي

وجاي عليهم وبيقولهم:

إنتم سارقين

اتفزعوا جدا وسألوا باندهاش:

إيه إللي ضاع منكم!. ماهو مش لازم يكون حاجة اتسرقت منكم، ما يمكن ضاعت فقط

 

لكن إللي همّ ميعرفوهوش،  إن دي هي الحيلة إللي كان يوسف مخططها عشان ياخد أخوه بيها،

فهو إللي حط في رحال أخوه شقيقه بنيامين، صاع الملك إللي بيكيل بيه البضاعة بالفعل، ومن غير ما حد يعرف أو يشوفه:

"فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ"

 

العمال بقى ردوا عليهم وقالوا: مش لاقيين مكيال الملك إللي بنكيل بيه..

وإللي هيجيبه هنديله مكافأة جَمَل متحَمّل بالطعام،

يعني رصدوا مكافأة عظيمة عشان يوروهم أد إيه الصواع ده مهم، ويُقال إنه كان من الفضة أو من الذهب.

 

فبدأ إخوة يوسف يدافعوا عن نفسهم بقوة وقالوا:

انتم شفتم من خلال معاملتنا إننا مش جايين نفسد في الأرض وعمرنا ما كنا سارقين

"قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ"

فقالوا لهم طيب إيه الجزاء لو كنتم كاذبين ولقينا حد فيكم معاه الصوّاع؟

فقالوا لهم جزاؤه هو إنكم تاخدوه عبد عندكم مقابل السرقة،

وكان في شريعة يعقوب عليه السلام إن إللي يسرق عقابه بيكون إنه يبقى عبد للي سرق منه،

لكن شريعة ملك مصر إن السارق يتجلد ويتسجن وبعدين يرجع لأهله،

فخلاهم هم إللي يقولوا العقوبة عشان هو عايز ياخد بنيامين

"قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ "

وفعلا بدأ يوسف يفتش في أمتعتهم واحد واحد وخلى متاع بنيامين في الآخر عشان إخواته ميشكوش في الحيلة،

وكانوا واقفين أثناء التفتيش عمالين يدافعوا عن نفسهم ويقولوا احنا ماسرقناش،

لحد ما وصلوا لمتاع بنيامين وطلّعوا منه الصواع

"فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ"

فهنا بقى اتصدموا

وطلعت منهم كلمة وجعت يوسف أوي:

"قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ "

يعني قالوا إن بنيامين ده سرق لإن أخوه التاني شقيقه سرق هو كمان قبل كده -قصدهم يوسف طبعا-

وهمّ الاتنين اخواتنا آه بس من أم تانية مش من نفس أمنا،

فهُم هنا كإنهم عاوزين يبرأوا نفسهم من صلتهم بجريمة السرقة إللي حصلت دي،

كإنهم بيقولوا إن الاتنين دول ناس سارقين مش تبعنا دول تبع بعض، همّ شبه بعض ومش شبهنا، إحنا زي الفل

فيوسف طبعا غضب وحزن في نفسه لإن هو عمره ما سرق، وهمّ بيفتروا عليه

وقال في نفسه:

والله إنتم شر الناس مكانة، بعد ده كله كمان بتتبلوا عليَّ

"فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ"

 

ملحوظة

في قصص كتير عن موضوع سرقة يوسف عليه السلام إللي اخواته اتهموه بيها دي، لكن كلها روايات بني إسرائيل معلهاش أي دليل من عندنا،

يعني قالوا إن يوسف سرق صنم كان جده بيعبده، ورواية تانية إنه سرق الشال بتاع عمته،

لكن كل ده روايات بني إسرائيل إللي مناخدش بيها؛ لأن الأصح والأظهر عندنا في القرآن إن مكنش في سرقة من الأساس، و همّ اتهموه ظلما وعدوانا بحاجة محصلتش أصلا

ودي حاجة مش مُستبعدة منهم خالص على فكرة

يعني إللي يخليهم يفكروا في قتل أخوهم ويتهموا نبي من الأنبياء بالضلال ويحكموا عليه بظنهم السيء إنه بيحب أخوهم أكثر منهم وبعدين يرموا أخوهم في البئر،

وبعدين يرجعوا لأبوهم ويكذبوا عليه ويقولوا إن يوسف أكله الذئب،

فاللي يعمل كل ده مش بعيد عليه يكذب كمان كذبة بحاجة  محصلتش أصلا عشان يبرأ نفسه، ويبعد التهمة عنه

عشان كده يوسف عليه السلام غضب في نفسه لأن اخوته اتهموه بحاجة محصلتش أصلا وهم إللي عملوا حاجات أسوأ من السرقة بكتير،

ومع كل ده يوسف عليه السلام كظم غيظه وأخفى الموضوع في نفسه

 

المهم بقى دلوقتي همّ فعلا في ورطة حقيقية

إزاي هيرجعوا لأبوهم من غير بنيامين بعد الميثاق الجديد، وهم قبل كده كانوا فرطوا في يوسف رغم وعودهم بإرجاعه برده

فكلموا يوسف عليه السلام باحترام عشان يستعطفوه،

قالوا أيها العزيز ده أبوه شيخ كبير في السن وهو بيحبه جدا

فخد حد فينا بداله إحنا شافينك من المحسنين السّبّاقين للخير

"قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ"

 

فقال لهم يوسف عليه السلام: أهو إنتم قلتم إني من المحسنين فإزاي آخد واحد بريء مكان واحد مذنب

 أنا كده هكون ظالم

"قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ"

 

إخوة يوسف لما لقوا إن مفيش فايدة راحوا في جنب لوحدهم كده بعيد عن الناس وقعدوا يتكلموا مع بعض،

فكبيرهم إللي كان اقترح زمان إنهم مايقتلوش يوسف ويرموه في البئر قال:

إنتم متخيلين الورطة إللي احنا فيها

أبونا يعقوب أخد علينا العهد والميثاق إننا نرجع ببنيامين، ناسيين عملنا إيه معاه قبل كده كمان مع يوسف..هنتصرف إزاي دلوقتي

"فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ"

أنا عن نفسي مش همشي من البلد دي غير لما أبي يأذن لي إني أرجع وهو راضي عني ومتفهم الوضع ومتنازل عن العهد زي ما قال إلا أن يُحاط بكم،

 واحنا فعلا مالناش ذنب في اللي حصل ومغلوبين على أمرنا، فأنا هستنى هنا لحد ما يأذَن لي بالرجوع أو ربنا يمكّنني من إني أخد أخويا يرجع معايا

"فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ"

 

ارجعوا لأبوكم واحكوا له إللي حصل بكل وضوح و قولوا له ابنك سرق، واحنا مكناش نعرف إنه سرق وسألونا إيه جزاء السارق فجاوبناهم، وحاولنا نبدله بحد فينا منفعش،

فهموه الأمر كله لعله يعذركم،

وخلوه يسأل الناس إللي في مصر ويسأل الناس إللي كانوا معانا في القافلة واحنا صادقين في كلامنا

"ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ "

 

فنفذوا كلامه.. ولما سمع يعقوب إللي حصل، قال لهم: لأ ..إنتم أكيد عملتم حاجة في بنيامين زي المرة إللي فاتت لما عملتم في يوسف،

"قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا"

 

وده من نتائج الكذب، الشخص إللي اتعرف عنه كذب لما يقول الصدق بعد كده محدش هيصدقه

عشان كده أهل الحديث لا ينقلوا عن أحد كذاب من الرّوَاة حتى لو تاب

 

كمّل يعقوب كلامه وقال:

أنا برده هصبر الصبر الجميل إللي من غير شكوى أو سخط ، وظني إن ربنا هيرجع لي الثلاثة بسلام

وأعرض عن أبناؤه وهو حزين متألم حزن شديد،

وافتكر حزنه الأول على يوسف فبكى من تاني بكاء مرير..

لحد ما عميَت عيناه،

"وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ "

فقد أبناؤه الإثنين والمتهم فيهم إخواتهم... بلاء في أبناؤه كلهم

وبعد ما جاب سيرة يوسف من شدة الحزن، قالوا له:

إنت هتفضل تفتكر في يوسف كده على طول لحد ما المرض هيشتد عليك ولو الوضع استمر على كده هتهلك نفسك تماما وتموت

فقال لهم أنا مش بشتكي لكم أنا بكلم ربنا وبنقل له همي وحزني وبثي وألمي،

وأنا عارف كويس أوي إن قدر ربنا كله خير لكن بطلب الصبر والتحمل، وعارف إن الفرج هييجي

"قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ"

 

طيب إزاي يعقوب عليه السلام يحزن الحزن الشديد ده ؟ مش ده كده عدم صبر وعدم رضى بقضاء الله مع إنه نبي؟!

 

الجواب:

الحزن لا يتعارض مع الصبر والرضا

أصلا الإنسان إزاي هيحقق الصبر والرضا لو مفيش حزن هيصبر على إيه طيب

 

يعقوب عليه السلام قال لأبنائه :

روحوا تاني كده هناك وشوفوا ودوروا على أي أخبار عن يوسف وأخوه، ومتيأسوش،

بلاش كلام اليأس بتاعكم ده، خلي عندكم أمل، إللي بييأس من الفرج بتاع ربنا هم الكفار بس.

"يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"

 

فعلا راح بعض أبناء يعقوب لمصر بعد كده، ودخلوا على العزيز وقالوا له يا أيها العزيز احنا جينا ببضاعة رديئة سيئة ماعندناش غيرها،

فإدينا زي ماكنت بتدينا قبل كده ولك الأجر من ربنا...انت عودتنا الكرم والزيادة، وياريت تتصدق علينا بتحرير أخونا من العبودية عندكم...وتسيبه يرجع معانا ده أبوه حزين جدا عليه

فهنا فاجئهم يوسف واتكلم بلهجتهم همّ إللي هي السريانيةوقال لهم:

فاكرين عملتم إيه في يوسف وأخوه زمااان وانتم مش مدركين عاقبة أفعالكم المؤذية أبدا

"قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ"

 

إخوة يوسف سمعوا اللهجة اتغيرت من المصرية للسريانية،  ولقوا حد بيقول لهم حاجة عن أخوهم محدش يعرفها غيرهم

فبدأوا يبصوا للي بيتكلم ويتمعنوا في ملامحه...ولسان حالهم: مش ده العزيز؟!...وفضلوا بيدققوا النظر..ويجمعوا أفكارهم ...وفجأة نطقوا :

"قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ"

قال لهم:

أنا يوسف وهذا أخي ربنا من علينا بفضله

"قال أنا يوسف وهذا أخي قد مَنَّ الله علينا"

 

ودخَّل أخوهم عليهم فلقوه مُنعّم ومُكرّم وفي أبهى صورة ...

ودول مصدومين من إللي بيشوفوه

فكمل كلامه وقال القاعدة النبوية الذهبية إللي بيها الإنسان يعرف يتخطى أي بلاء بإذن الله قال:

"إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "

 

تقوى الله(الخوف من الله)+ صبر =فرج من الله وفتح مبين

حياة يوسف عليه السلام كلها تقوى وصبر،

مع إيذاء إخواته قبل البئر وبعده تقوى وصبر...

مع امرأة العزيز تقوى وصبر(صبر على فتنة النساء)...

مع النسوة تقوى وصبر...

في السجن تقوى وصبر(الصبر على الظلم وأذى الناس)...

مع الألم من نسيان رد الجميل لما رفيق السجن نسيه فطالت مدة السجن أكتر، تقوى وصبر..

وبعد ما شاف إخوته تاني تقوى وصبر...

أكثر من ثلاثين سنة تقوى وصبر، فكانت نتيجة التقوى والصبر إيه

ربنا فرج عنه ومكّن له في الأرض وبقى وزير، وجعل النساء يعترفن ببراءته قصاد الناس كلها،

وخلى إمرأة العزيز تعترف على نفسها قصاد الكل ،ورجّعله إخواته مكسورين معتذرين تائبين معترفين بفضله عليهم وعند رب العالمين بتقواه وإحسانه،

ربنا لا يضيع أجر المحسنين أبدا ،

 

يوسف عليه السلام وهو نبي مرسل فضل محقق التقوى والصبر ثلاثين سنة لحد ما جاله الفرج،

 

إخوة يوسف عليه السلام أخيرا اعترفوا ليوسف عليه السلام بفضله ومكانته زي ما امرأة العزيز اعترفت قبل كده ببراءته وتقواه، وقالوا له بكل وضوح: ربنا فضّلك علينا وقرّبك وأبعدنا، لإن إحنا إللي كنا غلطانين

وعرف إخوة يوسف إن ربنا هو إللي كان بيفضله عليهم مش أبوهم

ماهي المشكلة كان سببها إيه من البداية؟ مش كانت إنهم مفكرين إن أبوهم بيحب يوسف أكثر

مطلعش بقى يعقوب هو إللي بيحبه أكثر وبيفضله عليهم، ده ربنا هو إللي فضّل يوسف عليهم بالنبوة والتمكين في الأرض لأنه يعلم صفاء ونقاء قلبه وأمانته،

بعكسهم هم إللي قلبهم كان مليان غيرة وحقد، وهم شافوا بنفسهم يوسف عمل معاهم إيه وأكرمهم إزاي،

ولسه كمان هنشوف يوسف عليه السلام عمل معاهم إيه،

"قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ "

 

تخيلوا هو قال لهم إيه في الموقف الرهيب ده إللي يقدر يذلهم فيه وينتقم منهم شر انتقام ويتشفّى ويتعالى عليهم؟

أكيد انتم عارفين يوسف وأخلاق يوسف وإحسان يوسف

قال لهم:

خلاص ما تقلقوش.. لا لوم ولا حتى هعاتبكم.. ربنا يغفر لكم ويتجاوز عنكم

"قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"

وهو ده بقى العفو عند المقدرة...هو تَمَكّن منهم وهم بقوا في إيده بالفعل خلاص وقادر على عقابهم، فعفا عنهم،

مش إني أكون مغلوب على أمري وأقول خلاص أنا هسامح عشان العفو عند المقدرة

ده مختلف عن ده، العفو عند المقدرة لما أكون فعلا قادر إني آخد حقي وقادر أذل إللي قصادي لكن أعفو زي يوسف عليه السلام

يوسف عليه السلام عرف إن أبوه يعقوب أُصيب بالعمى

فقال لهم خدوا قميصي ده وحطوه على وجه أبي، وبصره هيرجع له بإذن الله،

وهاتوا أهلكم كلهم وتعالوا لي،

"اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ "

بالفعل رجع إخوة يوسف لأبيهم ، فلما قربوا من المدينة سبحان الله، يعقوب عليه السلام قال لأبنائه إللي كانوا موجودين معاه ومراحوش مع اللي راحوا ليوسف في مصر: أنا خايف تتهموني إني كبرت وخرّفت بس أنا شامم ريحة يوسف

"وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ"

فقالوا له إنت لسه في أوهامك القديمة بخصوص إنك هتشوف يوسف تاني

"قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ "

لكن اتضح بعد شوية صغيرين خالص مين إللي كان عايش في الوهم ومين إللي كان على يقين حقيقي طول السنين دي

إخوة يوسف جم ودخلوا على يعقوب ورمى واحد منهم قميص يوسف على وش يعقوب بالفعل، فبصره رجع له فعلا سبحان الله، ودي معجزة من معجزات الله

"فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ"

 

إخوة يوسف لما شافوا المعجزة قصادهم اتزلزلت قلوبهم وعرفوا إنهم كانوا غلط فطلبوا من أبوهم إنه يدعي لهم ربنا بالمغفرة على إللي عملوه كله،

"قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ "

فقالهم إنه هيستغفر لهم في كل موضع وبالذات في وقت السحر في الثلث الأخير من الليل عشان ده من مواطن إجابة الدعاء الجليلة والعظيمة عند الله،

يعني كمان سيدنا يعقوب بيضرب لنا مثل في الإحسان غير عادي، ده مش عفو عادي عن ولاده إللي لو حد فينا مكانه مش قادر أتخيل ممكن نعمل إيه؟!

لأ، ده عفو بإحسان، وشفقة حقيقية عليهم من عقوبة الله كمان، وتحرّي لأرجى أوقات إجابة المغفرة لهم..

 

بعد كده، خدوا بعضهم كلهم وارتحلوا من فلسطين وراحوا مصر عشان يدخلوا على يوسف،

وهترك لكم تخيل لحظة لقاء يعقوب بيوسف بعد كل إللي حكيناه ده، لإن اللسان يعجز عن ده بالفعل

بعد ما احْتفى يوسف عليه السلام بأبويه وأكرمهم، أجلسهم معاه على كرسي الملك، وهنا كلهم سجدوا له

الأب إللي هو القمر لأن القمر مذكر، وأمه إللي هي الشمس لأن الشمس مؤنثة والإخوة ال١١.. إللي هم ال١١ كوكب

وظاهر القرآن يقول إن أم يوسف عليه السلام كانت عايشة مش ميتة زي ماهو مشهور بين الناس، وهي إللي سجدت مع يعقوب وإخوته، الآية بتقول:

"وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا"

 وأبويه يعني الأب والأم

 

وطبعا وزي ما قلنا قبل كده في قصة آدم عليه السلام إن السجود هنا سجود تكريم وتشريف مش سجود عبادة،

 لإن من سجد لغير الله للعبادة فده كافر، وقلنا إن ده كان في شرع إللي قبلنا لكن شريعة الإسلام مُحرم فيها حتى سجود التكريم

هنا يوسف عليه السلام قال لأبوه:

ده تأويل الرؤيا بتاعتي إللي شفتها زمان...ربنا حققهالي دلوقتي.

"وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا"

ويقال إن ما بين رؤيا يوسف عليه السلام وتحقيقها أربعون سنة، فمحدش ييأس

يوسف عليه السلام  يذكر نعمة ربنا عليه وإزاي إنه أخرجه من السجن وجمعه مع أهله تاني بعد ما الشيطان كان فرق بينه وبين إخوته،

"وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي"

 

وهنا لفتة جميلة بيقول لنا عليها العلماء،

وهي إن يوسف عليه السلام  نسب الإيذاء إللي حصل من اخواته له للشيطان، فطالما تابوا يبقى مافيش داعي أفكرهم كل شوية بخلقهم السيء القديم،

 فسبحان الله كان محسن في كل أحواله عليه السلام..

وقعد يتدبر في حاله وإزاي إن ربنا لطيف بعباده وإنه إذا أراد شيئا هيأ أسبابه،

يعني إزاي يوسف عليه السلام كان هيكون في المكانة إللي هو فيها دي من غير ما يعدي على كووول الإبتلاءات إللي فاتت

"إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ "

فهو العليم سبحانه بمصالح العباد .

فزي ما قلنا كتير، بنكرر واحنا بنختم احسن القصص ونقول:

ربنا بيدينا الأمل من خلال قصص الأنبياء وبيقولنا اصبروا على الابتلاء وهتشوفوا النتيجة،

فلما تحققت ليوسف الرؤيا وربنا أتم عليه نعمه كلها ... قال: يارب زي ما رزقتني الملك وعلمتني تأويل الرؤى ووهبتني النبوة وأصلحت ليا دنيايا،  فأصلح لي آخرتي

"رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ "

وآخر نقطة ننبه ليها:

مفيش أي رواية من القرآن والسنة بتقول كم عاش يوسف عليه السلام، لكن أرجح اقوال المفسرين هو إنه عاش ١٢٠ سنة والله أعلم 

reaction:

تعليقات